الطفل المغربي “يونس أكريم” الذي لم يتجاوز عمره 13 عاما، يعد معجزة شعرية بكل المقاييس، فرغم صغر سنه إلا أن كلماته التي نقلتها قصائده تضعه على قائمة الشعراء الكبار، فهو أصغر شاعر في المغرب كتب عددا من القصائد أبرزها قصيدة “أحلام شيخ غائب عن الحياة”.
وتنقل كلمات قصيدة ” أحلام شيخ غائب عن الحياة !” تنقل موهبة عبقرية للطفل المغربي والتي يقول فيها :
عما قريب سأستفيق من السبات
وأنا أتساءل إلى أين سأمضي بأحلامي
أحلام الطفولة المغتصبة
وأحلام الشباب الضائع
وأحلام شيخ أقعدته السنون وخطى خطوته الأولى نحو القبر
شيخ تعب من النوم لأنه ظل يجري وراء أحلامه
ولكن أحلامه كانت دائما تربح السباق
يتذكر الشيخ أيام الصبا التي كانت كأيام الشباب و أيام الشباب التي كانت كأيام الصبا
أيام الصبا التي دفنت ما بين جهة و أخرى
مضت في صمت مريب يخبئ مفاجئة في طياته
قلبه يحمل أوجاع الحب القديم
الحياة الظالمة ظلمته كثيرا
جعلته يبكي بدون دموع
ويسعد بدون ابتسامة
ويحب بدون قلب
ويرى بدون عين
ويفكر بدون عقل
حتى لو ذرف الدموع سيذرفها في صمت
الشيخ الآن يدفع تمن أخطاء لم يرتكبها في ماض لم يعشه
وسادته المبللة بالدموع شاهدة على حزنه العميق
غطائه المطلي برائحة البولي عرف كوابيسه
يعرف أنه في يوم ما سيصبح كفنا له رغما من سواده
الشيخ في حرب مع غريب في جسده
في حرب بدون أسلحة
في حرب بدون ميدان
في حرب بدون جيش
لا يملك الشيخ المحارب إلا خوذته
وصمته الطويل الذي يخبئ شيئا في عروقه
صمته كالهدوء الذي يسبق العاصفة
يجتر الكلام في سرعة جنونية
له نظرات من حديد أخدة في الذوبان
رجلان أضعفهما مرور الزمن و وعورة الطريق
رجلاه تعودتا على الطريق المليئة بالروث
لأنه دائما على موعده اليومي مع الحياة
يواسيها في سريرها الرث رغم أنه أحد ضحاياها
الحية فقدت حيويتها
لأن ضحاياها استلت السيف
انتصرت بالسيف على السيف
الشيخ لم يشارك في الثورة على الحياة
لأنه يعرف لأن المقهورين أمثاله ليس من مصيرهم أن يكونوا منتصرين
مصيرهم أن يدخلوا في مرحلة أعقاب الحياة
ويحفرون قبورهم لوحدهم
الشيخ بدأ يعد في أيامه التي أصبحت بدون عجلات
فتوقف دوران الزمن
احتراما لرغبة الشيخ في إنشاد أغاني الرعاة
تحت ظلال شجرة الزيزفون رفيقة دربه
يتأمل القلعة القديمة
يتخيل الحياة القديمة فيها
بعيدا عن دخان السيارات و أشباح المدن
هناك الشيخ سيحيى حياة أخرى
سيصحح أخطاء الماضي
وسيستريح استراحة محارب قديم
سيشتم من أعقاب المعركة
لا يأبه أن يكون منتصرا أو منهزما
لا يهتم لأي علم يحارب
ربما يظن أنه يحارب الحياة
أو يخوض معركة الحياة
سيشتم دماء السفاحين
يعد في جثت المعركة
وينظر إلى علم القلعة يرفرف عاليا بدماء المسفوكين
وينظر إلى الأطلال كأنها تتهامس على مجد القلعة الغائب
الشيخ يعد في خيبات الأمل
أمل أنه لم يستفق على ضجيج أحفاده
وقبلات زوجته
وصيحات أولاده
لقد بقي وحيدا في عالمه
معركة الحياة أتت على كل شيء
لم تترك له الفرصة للذهاب مع أصدقائه
لعالم بدون حياة
في زمان بدون وقت
ومكان بلا أرض
لقد تركت له الفرصة لينشد أغاني الرعاة في صمت
ويرقص رقصات الهنود
ويصنع له فنون العالم الرابع
ينقل الشاعر الصغير خلال القصيدة تجربة شعرية فريدة تفوق عمره بمراحل، فيبدو في كلماته أنه يقدم لونا جديدا في الشعر المغربي، وغريبا أكثر على طفل في عامه الثالث عشر يعيش في الداخلة- الصحراء المغربية- ، ويبدو هذا الطفل الموهوب صادما في طريقة كلامه وفي طريقة تفكيره، فهو يتحدث عن أعمال نجيب محفوظ بثقة كبيرة، ويحكي بحب كبير عن محمد شكري كاتبه المفضل.