عبير البواب عالمة كيمياء أردنية تفوز بجائزة أيوباك العالمية
مرضها بالسرطان لم يقف عائقًا أمامها في البحث العلمي, بل شكل حافزًا للإنجاز, تقول: “نحن بحاجة لزرع بذور البحث العلمي لتأتي الأجيال من بعدنا وتستكمل عملية البناء عليه”. أمضت العالمية الأردنية “عبير البواب”, 23 عامًا من التدريس في الجامعات الأردنية والبحث العلمي في الكيمياء الفيزيائية التطبيقية، “علم كيمياء السطوح والغرويات”، توجتها بالفوز بجائزة “أيوباك” (iupac) للمرأة المتميزة في العلوم الكيميائية، وبالمرتبة الأولى، بعدما نافست 12 سيدة يمثلن نخبة العلوم الكيميائية من أعرق الجامعات في بلادهن من الولايات المتحدة وأستراليا والصين وفنلندا وتايوان واليابان وتايلند وهولندا.
تعتبر الباحث الأردنية “عبير البواب” أول عالمة من الأردن تحصل على جائزة “أيوباك”، والثانية على مستوى الوطن العربي، والمعروف في هذه المسابقة أن الباحثة في مجال الكيمياء لا تستطيع أن ترشح نفسها، بل ترشحها أعمالها وأبحاثها العلمية المنشورة، وصدى إنجازاتها بين أقرانها من علماء الكيمياء، فيتم ترشيحها من قبل مجموعة من الباحثين، وبعد موافقة لجنة المسابقة على الباحثة المرشحة يتم تبليغها بذلك، بعدها تقوم اللجنة بالتصفيات بين المرشحات، وصولا لإظهار نتائج الفائزات.
إيجابية وإقبال على الحياة
تقول عبير البواب لـ “الجزيرة نت”, “الإصابة بالسرطان ليست نهاية المريض، وجائحة كورونا ليست نهاية العالم، ونحن بانتظار أيام جميلة نريد أن نحياها معا”، كما تقول للجزيرة نت.
وتتابع أن السرطان لم يشكل عائقا لحياتي وبحوثي العلمية، بل على العكس من ذلك فتح أمامي أبوابا من البحث العلمي في الإجراءات والعلاجات الطبية لمرض السرطان، خاصة سرطان الثدي المنتشر بين الأردنيات، وبعدما تعالجت من سرطان الكبد الذي أصابني قبل عامين، عدت لعملي بهمة ونشاط أكبر، وبات لدي هدف جديد يتمثل في تخصيص الجهد الأكبر في البحث العلمي للسرطان؛ علاجا وفحوصا وأغذية.
سفيرة الكيمياء
زارت عبير البواب أكثر من 50 دولة حول العالم، إما محاضرة في مؤتمرات علمية، أو مشاركة في أخرى، تُعلّم الباحثين وتتعلم منهم، تناقش أبحاثها العلمية المتنوعة في الأغذية والمياه والسرطان وأساليب التدريس، وطرق تعليم الكيمياء للطلبة.
وإلى جانب دورها العلمي، حملت عبير البواب على عاتقها مسؤولية التعريف بالأردن وتاريخه، فـ”بعض من كنت التقيهم في المؤتمرات الدولية كانوا يستغربون حضور المرأة العربية والأردنية في هذه المؤتمرات، لأن لديهم قناعة بأن العرب يحرمون بناتهم من التعليم”، حسب قولها.
كورونا والبحث العلمي
وخلال جائحة كورونا، وما رافقتها من إغلاقات وحظر للتجول، أنجزت البواب الكثير من الأبحاث العلمية المتبقية لديها، ومع وجود التطبيقات الإلكترونية للتواصل مع زملائها من الأساتذة والباحثين كانت تمضي الساعات في النقاش العلمي.
وأظهرت كورونا -وفق حديث عبير البواب- حاجة العالم للأبحاث المتنوعة في العلوم المختلفة الطبية والكيميائية والفيزيائية والدوائية، وحتى الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ونحن في الأردن بحاجة لزرع بذور البحث العلمي وترسيخ الأسس الضرورية له، حتى تأتي الأجيال من بعدنا وتستكمل عملية البناء عليه.
وتنوعت أبحاث البواب العلمية، فقد تمكنت ومن خلال فريقها البحثي من معالجة التلوث البيئي الناتج عن مياه الزيبار المتبقية بعد استخراج زيت الزيتون من الثمار، بحيث تتم معالجة تلك المياه لتصبح صالحة لري المزروعات.
وتعمل حاليا في مختبرها على معالجة المياه المستخدمة في تصنيع واستخراج مادة الفوسفات، بهدف إمكانية إعادة استخدامها، ولديها بحوث علمية محكمة في الصناعات الكيميائية والدوائية والغذائية ومستحضرات التجميل والتنظيف وغيرها.
أساليب التدريس
وإلى جانب أبحاثها العلمية، سجلت عبير البواب أبحاثا في الأساليب الحديثة للتدريس، وتقوم على جعل الطالب يحب الكيمياء ليبدع ويتفوق فيها، خاصة أن “أساليب التلقين القديمة لم تعد مجدية مع الطلبة الجدد”، إضافة إلى جملة من المشاريع العملية، وأبرزها مشروع حافلة الكيمياء التي تجوب المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية لتعليم الطلبة أهمية الكيمياء وإجراء التجارب الكيميائية أمامهم.
وجمعت البواب خلال رحلتها العلمية والتعليمية بين التدريس والإدارة، فقد شغلت منصب مدير عام صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي لمدة عامين، وعُينت عميدة للبحث العلمي في الجامعة الأردنية لعامين أيضا.
وحصلت عبير البواب على العديد من الجوائز، أهمها الوسام البلاتيني “صانعات التغير لعام 2019″، وجائزة نساء عالمات بارزات في العلوم، وجائزة المرأة العربية للعلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية التابعة لجامعة الدول العربية، وجائزة الباحث المتميز من الجامعة الأردنية.
يشار إلى أن منظمة “أيوباك” أُنشئت عام 1919 من قبل اتحاد الكيميائيين الصناعيين وأوساط الأكاديمية العلمية الأميركية، ويمتلك اتحاد أيوباك القوة النشطة في إنشاء مجموعة واسعة من المؤتمرات والمشاريع المصممة لتعزيز وتحفيز التطورات الحديثة في الكيمياء، إضافة إلى المساعدة في جانب التعليم الكيميائي والفهم العام للكيمياء.