Table of Contents
مجلة Nature ..
إضافة للمعارف العلمية
بقلم : د .مجدى سعيد
من الصعب أن يكتب الإنسان عن مشروع ساهم ولا يزال يساهم فيه، لكنني سأجتهد في أن أكتب بحيادية عن هذه المجلة الشهرية العلمية المترجمة التي تصدر منذ أكتوبر 2012.
كان المشروع – وما زال – يمثل إضافة سواء للمعارف العلمية بشكل عام، أو لقضية الترجمة العلمية بشكل خاص.
الطبعة العربية (وهي مجلة شهرية) تأتي كل شهر محتوية على مختارات من أربعة أعداد أسبوعية من الطبعة الدولية لـ مجلة Nature، وهي دورية علمية دولية تصدر منذ عام 1869 وتعنى بنشر أفضل الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل النظراء في كافة مجالات العلوم والتكنولوجيا، ويتم اختيار البحوث للنشر على أساس من أصالتها وأهميتها، وكونها متعددة التخصصات، وتراعي حُسْن التوقيت، والتألق، مع توافر إمكانية الوصول، إضافة إلى نتائجها المبهرة.
مجلة Nature .. إضافة للمعارف العلمية، كما هو معروف، هي أكثر دوريات العالم العلمية متعددة وبينية الاختصاصات interdisciplinary التي يقتبس منها الباحثون، وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن مؤسسة “طومسون رويترز” عن عام 2010، الذي يتناول أكثر الدوريات العلمية اقتباسًا، حيث يبلغ معامل التأثير Impact Factor الخاص بالمجلة 31.101، ويعني المعامل متوسط عدد الاقتباسات والاستشهادات المأخوذة من الورقة البحثية الواحدة المنشورة بالدورية على مدار عامين سابقين على نشر التقرير، وهو مقياس مستقل يتم حسابه عن طريق مؤسسة “طومسون رويترز” الأمريكية.
ونحن في الطبعة العربية من مجلة Nature .. نقدم ترجمة لملخصات الأبحاث التي تنشر في الأعداد الأربعة، إضافة لنشر إضاءات مختصرة على تلك الأبحاث، مع نشر الأخبار العلمية الأسبوعية، كل هذا يتم نشره أسبوعيا على الموقع الخاص بالطبعة العربية، مع نشر موجز لأضواء على الأبحاث والأخبار العلمية في النسخة المطبوعة، أما باقي أقسام المجلة فيتم الانتقاء منها بقدر، مع إعطاء أولوية لما يتماس مع العالم العربي أو الإسلامي أو العالم النامي أو ما يمثل هما إنسانيا عاما، مع الاهتمام بشكل عام بتحقيق التوازن بين مساحات الفروع العلمية التي تغطيها الدورية.
الطبعة العربية إذا هي معمل “تجارب” شهري – إذا جاز التعبير – للترجمة العلمية، أو ترجمة العلوم إلى اللغة العربية، وهي مهنة شاقة لمن يقوم بها، لأنها تتطلب ثلاث مجموعات من المهارات:
- الإلمام بالفرع العلمي الذي يتم النقل عنه، وطبيعة الفروع العلمية التي تتناولها الدورية بشكل عام هو التوسع الدائم إلى مساحات جديدة، مما يتسبب في إضافات جديدة دائما إلى قائمة المصطلحات العلمية التي تحتاج إلى اجتهاد في الترجمة، يقتضي بالأساس فهمه.
- الإلمام باللغة الإنجليزية والتي تختلف في تركيبها عن تركيبة اللغة العربية، وهنا تقع النسبة الأكبر من أخطاء المترجمين.
- القدرة على الكتابة السليمة لما تم ترجمته بغة عربية سليمة وواضحة ومفهومة، وهنا يأتي جانب آخر من جوانب الخطأ.
- وهو ما يعني إجمالا: إتقان عملية الترجمة أولا، وإتقان معرفة العلوم ثانيا.
وقد عانينا فترة طويلة في تجريب وإحلال وتبديل المترجمين في الطبعة العربية، حتى وصلنا إلى ما يشبه أن يكون قائمة أساسية، لكننا لا نستطيع أن نقول أنها نهائية، فطبيعة مهنة “الترجمة العلمية” أنها تعتمد على العلاقة الحرة freelancing وبعض الناس من الممتازين والمجيدين في الترجمة، عندما يعرف في الوسط، ينتشر ويشيع اسمه، فيقبل فوق طاقته، فيقع منه التقصير أحيانا في تدقيق وإتقان ما يستطيع إجادته لو كان وقته يسمح. لكن المشكلة الأساسية في هذه المهنة – كما هو في مهنة “الإعلام العلمي” – هو خلو العالم العربي تقريبا من جهة علمية تؤهل الناس لممارسة المهنة، وهي مشكلة ومعضلة كل العلوم البيئية بشكل عام والتي تتوالد ما بين مساحتين، مشكلة هذه العلوم عامة والترجمة والإعلام العلميين خاصة أن بلادا كبلادنا تخلفت عن مواكبة تلك التفرعات الجديدة من حيث توفير معهد علمي يؤهل، وتجمع مهني يضبط، فتبقى المساحة خاضعة بين المؤسسة التي تحتاج وبين من يقدمون أنفسهم للعمل بهذه المهنة خاضعة للتجربة والخطأ من الطرفين، وخاضعة في بعض الحالات لما كان يسميه أستاذنا الدكتور مازن النجار نائب رئيس التحرير السابق أن يقوم البعض بتعلم “الحلاقة في حمير الغجر”.
بالرغم من الاحتياج والأزمة في ذات الوقت التي ساهمت الطبعة العربية في الكشف عنها، إلا أن المجلة كما قلت تبقى إضافة قيمة تحمل اسم مؤسسة عريقة في النشر العلمي كـ Nature وتقوم برعايتها حصريا مؤسسة علمية قوية وحديثة وهي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، وهي – رغم ذلك – إضافة تقول لنا أن أهم المجلات العلمية في العالم العربي إما أنها مجلات مترجمة بالكامل أو أنها تقوم بالترجمة جزئيا، وأن المجلات العلمية العربية الأصلية صارت عملة نادرة في ظل التراجع العام للعلوم في أغلب بلدان العالم العربي على المستوى الرسمي، بالرغم من تنامي الحراك العلمي على المستوى الشبابي وهو ما سبق وتناولنا بعض مظاهره فيما سبق لنا من مقالات في هذه الزاوية، وهو الأمر الذي يشير إلى احتياج إعلامي علمي شبابي يواكب هذا الحرك ويتجاوز الموات الرسمي أو يكاد.
لمطالعة الطبعة العربية وتنزيل أعدادها والاشتراك فيها:
صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك
موقع موهوبون دوت نت
مجلة Nature .. إضافة للمعارف العلمية