مبدعونشخصيات فنية

محمد عبده .. فنان العرب

من هو محمد عبده

صاحب صوت عذب رخيم، وأغاني تطريبية أصيلة، و أداء منمق ينقل المستمع إلى جو من الطرب الروحاني، وهو واحد من القلائل الذين يمتلكون سر هذه التركيبة حيث استأثر بأحد عناصرها لنفسه، فقد كان يعلم أن ما من أحد يستطيع الحصول على صوته أو أداءه لأنهما جزء منه، انه “فنان العرب” بجدارة.

ولد محمد عبده عثمان آل دهل العسيري في قرية الدرب الواقعة جنوب المملكة العربية السعودية في عام 1948م، وذاق مرارة اليتم صغيراً حيث رحل عنه والده وهو ما زال طفلاً في السادسة من عمره، وعاش رحلة من الفقر والعَوَز حتى إنه عاش فترة في رباط خيري هو وشقيقه بمنحة من الملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز.

واستطاع محمد عبده دخول المعهد الصناعي والتخصص في صناعة السفن في محاولة لتحقيق حلمه القديم بأن يصبح بحاراً مثل والده، ولكنه أيضا كان مولعا بالفن والغناء الذي أخذه إلى بحر النغم الذي أخلص له ومنحه اهتماما حقيقياً.

محمد عبده
محمد عبده

مسيرتة

بدأ فنان العرب محمد عبده رحلته الفنية في الستينات، وبالتحديد في عام 1961م وكانت بداية مبكرة وهو طالب في المعهد الصناعي بجدة، الذي تخرج فيه عام 1963م حيث كان محمد عبده ضمن أفراد بعثة سعودية متجهه إلى إيطاليا لصناعة السفن، وتحولت الرحلة من روما إلى بيروت، أي من بناء السفن إلى بناء المجد الفني، وكان ذلك عن طريق عباس فائق غزاوي الذي كان من ضمن مكتشفي صوت محمد عبده عندما غنى في الإذاعة في برنامج “بابا عباس” عام 1960م، وبارك هذا الاكتشاف الشاعر السعودي المعروف طاهر زمخشري.

وسافر محمد عبده من جده إلى بيروت برفقة الغزاوي وزمخشري، وهناك تعرف على الملحن السوري محمد محسن الذي أخذ من الزمخشري كلمات “خاصمت عيني من سنين” ليغني محمد عبده أغنية خاصة به بعد أن غنى الكثير من أغاني من سبقوه ومنها أغنية “قالوها في الحارة.. الدنيا غدارة”.

وعاد فنان العرب بعد ذلك إلي المملكة ودخل عالم الغناء بقوة وتعرف على العديد من الشعراء أمثال إبراهيم خفاجي الذي كان له تأثيراً واضحا على حياة محمد عبده الفنية، والموسيقار طارق عبد الحكيم الذي قدم له لحنا رائعا من كلمات الشاعر المعروف ناصر بن جريد بعنوان “سكة التايهين” التي قدمها محمد عبده عام 1966م، ووجد محمد عبده نفسه في حاجة إلى القيام بالتلحين لنفسه، رغم ألحان طارق عبد الحكيم وعمر كدرس التي صقلت موهبته فخاض التجربة وكانت أغنية “خلاص ضاعت أمانينا.. مدام الحلو ناسينا” التي قدمها على العود والإيقاع دون أي توزيع موسيقي، وكان نجاح هذا اللحن تشجيعا لمحمد عبده على خوض التلحين الذاتي أكثر وأكثر.

قبل بدء الإرسال التلفزيوني عام 1965م، كان مسرح التلفزيون هو المكان اللائق لتقديم الجديد بعد مسرح الإذاعة، حيث تعاون محمد عبده مع الأمير عبد الله الفيصل في رائعتهم “هلا يابو شعر ثاير” من وما كادت تبدأ فترة السبعينات إلا ومحمد عبده ينهي بكل نجاح المرحلة الأولى في تاريخ الأغنية السعودية الحديثة المرتبطة بمحمد عبده لقيامه بتطوير الفن السعودي.

 

وشهدت فترة السبعينات العديد من النجاحات في مسارح عدد من البلاد مثل الكويت، قطر، لبنان، الإمارات، ومصر حيث الانطلاقة الأكبر ليصبح محمد عبده سفيراً للأغنية السعودية، وتطور الحال إلى أن أصبح سفيراً للأغنية الخليجية ثم للجزيرة العربية كلها، بعد طرقه ألوانا غنائية من مختلف مناطق المملكة والخليج العربي والجزيرة العربية ككل.
وفي عام 1976م، سافر محمد عبده إلى صنعاء للمشاركة مع جمهوره في اليمن في احتفالات اليوم الوطني، حيث قدم الفنان اليمني المعروف محمد مرشد ناجي لحنا للأغنية الرائعة “ضناني الشوق”، من كلمات الشاعر “مهدي حمدون، حينها قام محمد عبده بتوزيع هذه الأغنية موسيقيا بمختلف الآلات الحديثة، عندها نصحه محمد مرشد ناجي بعدم المخاطرة، حيث أن الجمهور اليمني لا يتقبل الأدوات الموسيقية الأخرى، لكن محمد عبده أصر على دخول هذه التجربة وتكللت بالنجاح الكبير.

وقبل انتهاء فترة السبعينات، قام الفنان محمد عبده بخوض تجربة الأغنية الطويلة مع الأمير بدر بن عبد المحسن وذلك في أغنية “في أمان الله” أو “الرسايل” التي قدمها على مسارح القاهرة صيف عام 1974م، ثم قدمها على مسرح التلفزيون بالرياض وحققت هذه الأغنية نجاحا منقطع النظير، مما شجع الفنان محمد عبده إلى غناء أغنية “خطأ”، وهي أيضا من كلمات البدر.

وفاجأ فنان العرب الجمهور بشعبيات ضمت أغاني من التراث وهي “الناس عليك يا ريم”، “لك الله يا غريب”، “طاب طاب الأوان”، “أنورت سودة عسير”، عندها أعلن محمد عبده بأنه فنان شامل يقدم الأغاني المطورة، والأغاني التراثية الشعبية، وكذلك يقدم الأغاني الطويلة ذات المقاطع، وفي منتصف الثمانينات أقيمت حفلة في تونس، وأطلق عليه الرئيس التونسي حينها الحبيب بورقيبة لقب “فنان العرب”.

وتعاون محمد عبده مع الأمير الشاعر محمد بن راشد، من دولة الإمارات في البوم بعنوان “يا مرحبا يا معنّى”, بعد ذلك قدم محمد عبده الأغنية الوطنية المعروفة “فوق هام السحاب” من كلمات الأمير عبد المحسن، وذلك عام 1988م، فأبهرت الجميع و هذا النجاح شجع محمد عبده إلى تقديمها عبر حفلاته إلى يومنا هذا.

 

توقفة عن الغناء

وتوقف الفنان محمد عبده عن الغناء في الحفلات لمدة ثمان سنوات، كما توقف عن إصدار الألبومات الجديدة، حيث كان ألبوم “أرفض المسافة” هو الألبوم الأخير له رغم أنه قبل توقفه هذا قام بعمل موسيقي لإحدى أهم الأعمال له وهي “البرواز” وكذلك قصيدة “أنشودة المطر” من شعر بدر شاكر السياب.

وفي صيف عام 1998م شارك محمد عبده في حفل مهرجان أبها وقدّم ثلاث ألبومات لهذا الحفل وبعد ذلك قام بتلحين أوبريت مهرجان الجنادرية رقم 14 بعنوان “فارس التوحيد” الذي جاء بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس المملكة، وكان قبلها قد شارك في حفل في دولة البحرين ضمن حفلات شبكة أوربت السنوية.
وقدم فنان العرب أجمل ما يقدم في حفلات جدة 2005 حيث أنشد كالمعتاد للوطن الذي تمثل في مدينة جدة حيث قدم لها عملا بعنوان “العروس” ووصف العمل قبل أن يؤديه بأنه عمل احترافي، وكان بالفعل كما قال وأكثر من جميع النواحي، ولم يترك فنان العرب للجمهور فرصة الخروج من الفرح ليباغت الجميع “بالأماكن” هذا العمل الذي أضاف الكثير لفنان العرب حيث وصل في نقاط البيع إلى أرقام فلكية واستحقت المكوث لسنتين في قمة ترتيب الأغاني العربية، ونال فنان العرب العديد من الجوائز في مختلف وسائل الإعلام نتيجة حضور “الأماكن” القوي في أذن المستمع العربي.

وفاتة

في الساعة الخامسة مساء يوم 11 يوليو عام 1905م / 7 جمادى الأولى 1323 هـ توفي الشيخ بالإسكندرية بعد معاناة من مرض السرطان عن ست وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة ورثاه العديد من الشعراء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى