قام الدكتور مصطفى محمد سعيد الأستاذ المتفرغ بمركز بحوث الصحراء بعمل دراسة جدوى لمشروعه الزراعي التنموي الذي أطلق عليه اسم “الشجرة الطيبة” الذي سيوفر ملايين من فرص العمل من خلال إنشاء وحدات متكاملة تشمل جميع أنشطة الاستزراع النباتي والحيواني مع بعض الصناعات الصغيرة، وعلى الرغم من موافقة رئيس مجلس الوزراء على مشروع د. مصطفى الذي قدم اقتراحه منذ 1999، إلا أن ملفه أغلق إلى أجل غير مسمى، ويهدف مشروع الدكتور مصطفى إنشاء قرى إنتاجية بمساحة 1000 فدان لكل قرية، وتشمل القرية الواحدة 300 وحدة إنتاج زراعي مكثف متكاملة، ويتم إنشائها بالجهود الذاتية للشباب وبمساندة من الدولة.
وتقام الوحدات على مساحة 900 فدان (300 وحدة × 3افدنة ) بينما المساحة الباقية وهى 100 فدان تشمل الطرق والمرافق التي تشمل مدرسة ونادي ووحدة صحية ومسجد وبنك ومكتب بريد وغيرها من الخدمات.
ويتم اختيار الشباب ( 300 ) شاب حسب معايير معـينة ويقسم الشباب إلى 10 مجموعات متناسقة ( كل منها 30 شاب ) يخصص لكل منها 90 فدان وتقوم كل مجموعة بإنشاء 30 وحدة على هذه المساحة كل وحدة 3 أفدنة وتعمل كل مجموعة في وقت واحد في استصلاح أول وحدة في نطاقها واستزراعها وإقامة مسكن بسيط عليها ثم تمليكها لفرد منهم حسب الأولويات التي يتم الاتفاق عليها ثم بناء وحدة أخرى وتسليمها وهكذا حتى يتم إقامة الوحدات كلها.
مكان تنفيذ المشروع:
يمكن تنفيذ هذا المشروع في جميع محافظات مصر في الظهير الصحراوي لكل محافظة إضافة إلى مناطق الاستصلاح الحديثة والمناطق الصحراوية التي تتوافر بها المياه الجوفية والأرض الصالحة للزراعة مثل سيناء والصحراء الغربية التي يقع تحتها اكبر خزان مياه جوفية في أفريقيا حيث يمتد لمسافات كبيرة في كل من مصر وليبيا والسودان وتشاد وتخرج مياهه أحيانا في صورة عيون كما في واحة سيوه وواحة الجارة بفعل ضغط الطبقات الأرضية أو قد تخرج المياه نتيجة عمليات البحث عن البترول كما في بئر قفار وبئر واحد في الصحراء الغربية.
وحتى تكون البداية صحيحة فيجب أن نعود إلى الدراسات السابقة التي قامت بها الجهات البحثية وشملت جميع المناطق الصحراوية خاصة بالنسبة للخصائص الجيولوجية والطبقات الحاملة للمياه الجوفية إضافة إلى صفات التربة والنباتات والحيوانات التي يمكن تربيتها بكل منطقة وغير ذلك من الدراسات الاجتماعية والاقتصادية. وهذه الدراسات يجب أن يتم تحديثها والاستفادة من التكنولوجيات الحديثة التي استخدمت في هذا المجال مثل الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء حيث أن هذه التقنيات قد أحدثت ثورة علمية كبيرة فيما يختص بدراسة علم طبقات الأرض وخواص التربة والغطاء النباتي واستطاعت أن تصل بهذه الدراسات إلى أعماق كبيرة في داخل الأرض.
كما يجب دراسة التغيرات المناخية والبيئية التي حدثت خلال السنوات الماضية وأثرت على طبيعة المكان وربما على البيانات التي جمعت حولها. وهذه الدراسات كلها يجب أن توضع أمام متخذ القرار من اجل أن يكون القرار الذي يتخذ بإقامة مجتمعات جديدة في هذه المناطق قرارا صائبا.
الهدف من المشروع:
أن إشراك الشباب في استصلاح وإقامة هذه المجتمعات الجديدة سيكون بمثابة حل فوري لمشكلة البطالة بدل من أن نترك الشباب عرضة لمن يريد أن يستغل بطالة الشباب في توجيهها إلى ما يضر بصالح الوطن. كما يخلق العمل الجماعي روح التعاون بين الشباب ويساعد على إقامة مجتمع تسود فيه الروابط الطيبة بين أفراد المجتمع وبالتأكيد فانه يقلل من تكلفة الأعمال التي يتم إقامتها بأيديهم.
ويتيح المشروع توفير فرص عمل حقيقية لـ300 شاب وإتاحة فرص عمل أخرى لضعف هذا العدد في عمليات التسويق والتصنيع الزراعي وفتح منافذ للبيع وورش للإصلاح ووظائف بالعمل في الشئون المحلية للقرية.
وبالإضافة إلى ذلك تتحقق الأهداف التالية:
1- توفير فرص الإسكان والزواج للشباب.
2- إضافة 3 أفدنه من الأرض الزراعية مع كل مسكن يتم بناؤه.
3- حل أزمة الإسكان بالجهود الذاتية مع توفير مسكن صحي بإمكانات بسيطة تتناسب مع قدرات الشباب مع الأخذ في الاعتبار إمكانية تطويره مع زيادة دخل الأسرة.
4- إشراك جميع أفراد الأسرة في النشاط الإنتاجي.
5- عرض بعض الوحدات للمواطنين لتملكها بما يعتبر استثمارا إضافيا لطاقات الشباب.
6- الخروج من الوادي الضيق واستغلال المناطق الصحراوية.
7- القضاء على السلوكيات السيئة في المجتمع والتي نشأت مع التكدس السكاني في المجتمعات العشوائية.
8- رفع مستوى المعيشة وزيادة الدخل القومي.
مبررات القيام بالمشروع:
إن النمط الإسكاني المتبع حاليا لا يسمح بتواجد نشاط إنتاجي في الوحدة السكنية وقد نقل هذا النمط دون مراعاة طوبغرافية مصر حيث تمثل الصحراء الجزء الأكبر من مساحتها مما أدى إلي التكدس السكاني في بعض المناطق وترك الجزء الأكبر خاليا تقريبا من الكثافة السكانية.
ولقد كانت بيوت الفلاحين قديما تكتفي ذاتيا بإنتاجها من المواد الغذائية بل كانت مصر من الدول المصدرة للمنتجات الزراعية يوم أن كانت تعتمد على التصدير من فائض إنتاج بيوت الفلاحين.
المستفيدين من المشروع:
يستفيد من المشروع جميع الحاصلين على مؤهلات عالية ومتوسطة من جميع التخصصات والحرفيين والمزارعين حيث أن المشروع يحتاج إلى تكامل من جميع التخصصات وهؤلاء يستطيعوا أن يحققوا دخلا إضافيا إضافة إلى الاكتفاء الذاتي من وحداتهم سواء بإدخال صناعات صغيرة في وحداتهم أو بالعمل في تخصصاتهم أو العمل في إنشاء قرى إنتاجية أخرى وطرحها للمستثمرين.
تكلفة القرية:
تبلغ مجموع القروض للقرية التي مساحتها 1000 فدان وبها 300 وحدة إنتاج زراعي مكثف متكاملة بكل منها مسكن بسيط 10 مليون جنية تقدم كقرض طويل الأجل على عشرة سنوات بفترة سماح سنة بعد بدا الإنتاج (حيث تبلغ قيمة القرض للـ300 وحدة 9 مليون جنية بمعدل 30 ألف جنية لكل وحدة إضافة إلى مليون جنية للبنية الأساسية.
متطلبات المشروع:
يتطلب المشروع إصدار قرار من رئيس الوزراء بتخصيص 5 % من أرصدة البنوك التي بلغت أكثر من 500 مليار جنية للاستثمار في هذا المشروع بفائدة مبسطة تسدد على 10 سنوات بفترة سماح سنة بعد بدا الإنتاج (حيث تصل نسبة الـ 5 % إلى 25 مليار جنية).
النتائج المتوقعة من المشروع:
يساهم المشروع في إنشاء 2500 قرية جديدة بالجهود الذاتية للشباب بمعدل 250 قرية سنويا بتكلفة 2,5 مليار جنية كل عام حيث أن تكلفة القرية 10 مليون جنية. ويضيف 2,5 مليون فدان إلى الرقعة الزراعية في نهاية العشر سنوات ويوفر العمل والإسكان لـ 2,5 مليون شاب دون أن يكلف ميزانية الدولة شيئا.
مصدر المياه:
يعتمد هذا المشروع في مناطق الإصلاح الجديدة على مصادر المياه التي توفرها الدولة من قنوات ري بينما في المناطق الصحراوية يتم الاعتماد على المياه الجوفية حيث تقام بئر عميقة لكل 15 وحدة ويوزع الماء بينها بالتساوي ويتم تحميل نفقات حفر وتشغيل البئر بين هذه الوحدات.
نموذج المسكن:
يتكون المسكن من دور ارضي به غرفة نوم وغرفة معيشة ومطبخ وحمام وفناء خلفي به “عشة” لتربية الدواجن وفرن ريفي ويمكن إضافة غرف أخرى للمسكن في حالة زيادة عدد أفراد الأسرة وتبنى حوائط المسكن من الطوب بنظام الحوائط الحاملة وتوجد نماذج متعددة لهذا المسكن بمركز بحوث الإسكان بوزارة الإسكان.
مراحل تنفيذ المشروع:
أولا: اختيار موقع القرى بناء على تحديث الدراسات السابقة ودراسة المخزون من المياه الجوفية وطبيعة التربة والدراسات الاقتصادية من حيث جدوى المشروع والاجتماعية من حيث توافر الأيدي العاملة والقرى المجاورة ودراسة الظروف البيئية والطوبغرافية للمنطقة.
ثانيا: اختيار نماذج الوحدات والأنشطة الإنتاجية بالتنسيق بين الجهات البحثية والتنفيذية.
ثالثا: اختيار الشباب ممن هم في مقتبل حياتهم الزوجية بشرط أن يكونوا قد انهوا الخدمة العسكرية.
رابعا: تقسيم الشباب إلى مجموعات بحيث تتكامل كل مجموعة فيما بينها من حيث الخبرات والمهارات المختلفة.
خامسا: الشرح وتوزيع المهام وإعطاء التدريبات حسب نوع الإنتاج قبل بدء العمل.
سادسا: وضع جدول زمني للانتهاء من الأعمال المختلفة حسب خطة معتمدة للمشروع.
سابعا: توزيع الوحدات التي تم الانتهاء من تجهيزها حسب الأولويات التي يتم الاتفاق عليها.
التدريب:
يعتبر التدريب من العناصر إلهامه لنجاح المشروع ويستحسن أن يتبع التدريب النظري تدريب عملي لفترة لا تقل عن 3 أشهر تتم تحت نفس ظروف العمل في المناطق الصحراوية بحيث يتم انتقاء العناصر التي يمكن أن يعتمد عليها في تنفيذ المشروع وفى نفس الوقت استبعاد الأفراد غير الجادة والتي لا تتحمل العمل في المناطق الصحراوية.
إدارة المشروع وتأمينه:
يتم إدارة المشروع باختيار جهاز من الشباب المنتفعين ومن أساتذة الجامعات والباحثين والخبراء إضافة إلى مسئولي المحليات وجهات الدعم. يقوم هذا الجهاز بإدارة القرض لتحقيق الأهداف الموضوعة للمشروع مع إزالة كافة العقبات التي قد تعترض المشروع مع وضع نظام تأميني يكفل تعويض المضارين عن أي خسائر ناتجة عن أسباب غير متوقعة (خارجة عن نطاق مسؤولية المنتفعين) وعمل صندوق لمساعدة المتعسرين.
التسويق:
يعمل نظام تسويقي تعاوني يضمن تشغيل عدد إضافي من الشباب كما يضمن الحصول على اكبر عائد ممكن للمنتجات التي تنتجها القرية. كما يمكن اتباع شروط الزراعة العضوية حيث تعطى أفضلية للمحاصيل المنتجة عضويا خاصة في حالة تصدير هذه المنتجات للخارج. ويمكن ربط هذا النظام بأقرب نقطة تجارة بوضع خطة مستقبلية للسلع المطلوبة تصديريا والتي لها ميزة نسبية مع توفير كافة البيانات اللازمة عن أفضل مواعيد الزراعة ومواصفات السلع المطلوبة وتوفير التعاقدات مع جهات الطلب واستخدام أفضل طرق العرض والحفظ والتغليف.
النماذج المقترحة للمشروع:
يشمل المشروع عدة نماذج حسب الإنتاج الرئيسي لكل وحدة.ويختلف هذا الإنتاج حسب طبيعة المنطقة والخبرات المكتسبة للشباب ونوع الإنتاج المطلوب وغير ذلك من العوامل التي يجب مراعاتها. وكمثال لذلك فان الأنواع المختلفة من الوحدات تشمل وحدات لإنتاج الخضراوات –الفاكهة – نباتات الزينة والزهور والنباتات العطرية – المحاصيل الزيتية – تربية النحل لإنتاج العسل – تربية دودة القز لإنتاج الحرير – الأسماك – تسمين بتلو – تربية الدواجن – تربية الأرانب -إنتاج الألبان – الصناعات الغذائية ..وغيرها.
تصور لأحد الوحدات المقترحة للمشروع:
تتكون هذه الوحدة من منزل ريفي بسيط يقام على جزء من الأرض حيث يتم إحاطة الأرض بسور من السلك تزرع علية بعض النباتات ذات القيمة الاقتصادية مثل اللوف وتعمل تكعيبة من العنب على الممشى الوصل إلى مدخل المنزل الذي يتكون من حجرة استقبال وحجرة نوم وحجرة معيشة لها شرفة على الحديقة ودورة مياه ومطبخ يفتح على الجهة الخلفية للمنزل حيث يوجد فناء به فرن ريفي وبه عشه للدواجن تستخدم بقايا الطعام في تغذيتها. وتقام صوبه أو حوض على الجانب الأيمن من الأرض تربى بها الأسماك ( تنتج نصف طن من الأسماك قيمتها 5 آلاف جنية ) ويستخدم الماء المنصرف منها في ري الأرض حيث يكون محملا بالمواد العضوية التي تفتقر إليها الأرض الصحراوية وتستخدم الخراطيم التي تعمل بالتنقيط أو الرشح لترشيد استخدام الماء. وتقام حظيرة في الجزء الجنوبي الشرقي للأرض في عكس اتجاه الريح تربى بها حيوانات المزرعة من ماشية وأغنام وماعز حيث تدفع الرياح الرائـحة بعيدا عن المزرعة وتستخدم مخلفاتها في تسميد الأرض .وتقام في الجهة المقابلـة ( الجنوب الـغربي ) صـوبة لاستزراع الخضراوات ( خيار – فلفل -كنتالوب – وغيرها)
ويتم زراعة النخيل محيطا بالمزرعة وتقسم الأرض لزراعة البقوليات والخضراوات وباقي أنواع المحاصيل الحقلية حسب مواعيد زراعة كل منها وحسب مناسبتها للتربة والظروف البيئية بالمنطقة.وتزرع أشجار الفاكهة في جهات متفرقة حتى تحصل على كفايتها من الغذاء والرعاية.
دور الجهات البحثية:
يعتبر دور الجهات البحثية في تنفيذ إقامة المجتمعات الجديدة من أهم الأدوار لتعظيم إنتاجية وحدة المساحة بتحديد الأنواع النباتية والحيوانية التي تحقق ميزة نسبية وإدخال بعض التكنولوجيات البسيطة مثل استخدم البيوجاز والطاقة الشمسية وإعادة تدوير المخلفات والمياه المستخدمة في الأغراض المنزلية بعد تنقيتها وفصلها عن الصرف الصحي. كذلك فيما يختص بشكل وأسلوب البناء المستخدم في المسكن وتصميم الوحدة وعمل التركيب المحصولي الأمثل وتجهيز المنتجات وتصنيعها لتحقيق أفضل عائد ربحي ممكن ومراقبة الجودة للمنتجات والمحافظة على الشروط البيئية.