أورهان باموق : من ساحات القضاء الي نوبل
روائي تركي كتب العديد من الروايات التي حققت انتشاراً واسعاً، اكتشف رموزاً جديدة للصراع والتضافر بين الحضارات، وشكلت القضيتين الأرمينية والكردية محور اهتمامه، تعامل في كتاباته مع فكرة الذات والثنائيات، وحصل على جائزة نوبل في الآداب لعام 2006م.
ولد الأديب التركي الكبير في مدينة اسطنبول في السابع من يونيو عام 1952م وهو ينتمي لأسرة تركية مثقفة، درس العمارة والصحافة قبل أن يتجه إلي عالم الأدب والكتابة ويعد احد أهم الكتاب المعاصرين في تركيا وترجمت أعماله إلي 34 لغة.
وفي فبراير من عام 2003م صرح باموك لمجلة سويسرية بأن “مليون أرمني و30 ألف كردي قتلوا على هذه الأرض، لكن لا أحد غيري يجرؤ على قول ذلك”، وقد تمت ملاحقته قضائيا أمام القضاء التركي بسبب “الإهانة الواضحة للأمة التركية”، وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن ما بين 6 أشهر و3 سنوات، وتم التخلي عن هذه الملاحقات القضائية في مطلع عام 2006م.
والي بجانب تصريحاته حول “مذابح” الأرمن والأكراد، كان باموك أول كاتب في العالم الإسلامي يدين الفتوى الإيرانية التي أباحت دم الكاتب سلمان رشدي بسبب كتاباته المسيئة للإسلام، وحصل باموك على جائزة نوبل للآداب عام 2006م .
وقالت الأكاديمية السويدية في معرض إعلانها عن فوز باموك بالجائزة “أن الروائي التركي قد اكتشف رموز جديدة لتصادم وترابط الحضارات خلال بحثه عن روح بلدته الحزينة “اسطنبول”، وانه انتقل بمرور الزمن من الجو العائلي العثماني التقليدي إلى نمط حياة متأثر بالغرب، وقد كتب عن ذلك في روايته الأولى التي تحاكي توماس مان في تقفيها لتاريخ ثلاثة أجيال من أسرة واحدة.”
وجاءت انطلاقة باموك على المسرح العالمي بعد نشره لروايته الثالثة “القصر الأبيض” التي اتخذت شكل رواية تاريخية مسرحها مدينة اسطنبول في القرن السابع عشر ولكنها كانت أساساً قصة تأثر الذات بالأساطير والمعتقدات، واظهر باموك من خلال تلك الرواية شخصية الإنسان على أنها قابلة للتغير.
وكانت ستة من روايات باموك قد نشرت باللغة الانجليزية منها “القلعة البيضاء” و”اسمي أحمر”، وقد عبرت وزارة الثقافة التركية عن سعادتها بحصول باموك على الجائزة، باعتبارها لحظة تاريخية ستوجه أنظار العالم إلي الكتاب الأتراك”.
وتقول مورين فيلي مترجمة روايته “ثلج” : “لقد شهدت تركيا تغيرات مذهلة في العقدين الأخيرين، وشهدت أيضا كثيرا من المعاناة والالتباس، وما يكتبه أورهان باموك يعكس الواقع المعيشي والجدل الداخلي الدائر في نفوس الناس، وهو يتمتع بأسلوب أدبي خاص يتحدى المنطق ويتفق مع الروح والنفسية التي يعيشها الأتراك على اختلاف أفكارهم ومواقفهم”.
ويقول باموك إن رواية “ثلج” تستوعب التحولات السياسية التي تعيشها تركيا بعد عقدين من الهيمنة الماركسية على الطليعة التركية، وعندما حل الإسلاميون محلهم استعاروا كثيرا من مفردات خطابهم، وجمعت بينهم الروح الوطنية ومناهضة الغرب، وكانت فكرة المدينة المعزولة عن تركيا والتي تزيدها الثلوج عزلة، ويقع فيها انقلاب عسكري تعبيرا عن هذه التحولات والروح الجديدة في تركيا”.
وصدرت هذه الرواية عام 2002م ويطرح فيها قضايا التعصب الديني والصراع بين النظام السياسي ممثلا بالجيش والاستخبارات وبين الجماعات الإسلامية، ويتهم باموك فيها بجرأة الجيش والاستخبارات بافتعال الأحداث المنسوبة إلى الجماعات الإسلامية، واختراق هذه الجماعات واستدراجها إلى العنف لتبرير أعمال القمع والاعتقال والتوتر.
فيما تتحدث رواية “اسمي أحمر” عن المواجهة بين الشرق والغرب في ظل الإمبراطورية العثمانية، أما رواية “الكتاب الأسود”، وهي الرواية الأكثر رواجا له في تركيا فيصف فيها رجلا يبحث بلا هوادة عن امرأة طوال أسبوع في اسطنبول المكسوة بالثلج والوحل.
وقد حققت روايات باموك أعلى أرقام في المبيعات في تركيا والمعارض العالمية للكتاب، وترجمت إلى عدة لغات من بينها العربية، وقد نال العديد من الجوائز قبل جائزة نوبل منها “جائزة السلام الألمانية” و”جائزة الدولة التركية للآداب والفنون”.
ومن أهم أعماله الأخرى: “جودت بيه وأبناؤه” والتي صدرت عام 1982م و”المنزل الهادئ” التي صدرت عام 1991م و”القلعة البيضاء” وصدرت عام 1995م، والكتاب الأسود” وصدرت عام 1997م و”ورد في دمشق” وصدرت عام 2000م و”الحياة الجديدة” وصدرت عام 2001م وله كتاب واحد عن حياته في اسطنبول صدر عام 2003م.