حذرت دراسة أجراها الباحثون في كلية طب جامعة ” هارفارد ” الأمريكية من أن نسبة ” عمى الشيخوخة ” تزايد على مستوى العالم بشكل غير مسبوق ، وذكرت الدراسة أن هذا النوع من العمى الذي يتهدد أيضا المسنين حول العالم ، ناتج عن التلوث البيئي والتدخين والوجبات السريعة .
ويؤكد الأطباء أن مرض عمى الشيخوخة المزمن والناتج عن تلف أنسجة ” الماكيولا ” ، من أخطر الأمراض التي تواجه المسنين، و ” الماكيولا ” هي البقعة الموجودة في مركز الشبكية والمسئولة عن الرؤية المركزية، وعمى الشيخوخة هو تحلل هذه البقعة مما يؤدي إلى تحللها إلى تشوش هذا النوع من الرؤية أو ظهور بقعة داكنة في مركز الرؤية البصرية .
ويعتبر مرض تلف ” الماكيولا ” السبب الرئيسي للعمى وضعف البصر في الولايات المتحدة للأشخاص الذين تجاوزوا سن الخامسة والخمسين. وبحسب الباحثين في مؤسسة ولاية مساتشوستس للعين والأذن، فأن هذا المرض يؤثر على الرؤية المركزية لحوالي 10 ملايين أميركي سنويا ، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد مع وصول الأشخاص إلى منتصف الخمسينيات من عمرهم، ونشرت نتائج البحث مجلة «أرشيف طب العيون». وتابعت الدراسة 349 شخصا تراوحت أعمارهم بين 55 ـ 80 عاما من المصابين بمراحل متقدمة من تلف طبقة الماكيولا العينية.
وفي هذا السياق أشار العلماء في كلية هارفارد الطبية في الولايات المتحدة , إلى أن حوالي 30 في المائة من الأشخاص في سن الخامسة والسبعين وما فوق ، يعانون من درجة معينة من هذا المرض التحللي ، والذي ينتشر عند معظم المسنين بشكل بسيط.
لم يتضح – بعد – السبب الدقيق لتحلل الماكيولا الشبكية ولكن حدد بعض العلماء عاملين أساسيين للمرض، ويعتبر التدخين هو السبب الأخطر للعمى عند الكبار، وقدر الباحثون أن واحدة من كل خمس حالات في بريطانيا تنتج عن التدخين ، وتشير الإحصاءات التي سجلتها ” المجلة الطبية البريطانية ” إلى أن ما يقدر بحوالي 53 ألف شخص في بريطانيا فوق سن 69 عاما يعانون من ضعف بصري بسبب تحلل ” الماكيولا ” المرتبط بالتدخين ويصاب 17800 منهم بعمى كامل .
ويؤكد أطباء مستشفى ” بولنون الوطني ” أن التوقف عن التدخين يساعد في تقليل مخاطر ضعف البصر المصاحب للشيخوخة مستقبلا ؛ حيث بينت الدراسات أثرا إيجابيا للتوقف عن هذه العادة الضارة على تطور المرض الذي يزداد بنسبة ضئيلة عند المدخنين السابقين مقارنة مع من لم يدخنوا أبدا، ويتعرض المدخنون لخطر الإصابة بفقدان البصر والعمى بنسبة أعلى بأربع مرات من غيرهم.
وتأتي الوجبات السريعة كسبب ثاني لهذا المرض اللعين ، حيث أظهرت دراسة طبية أن الأطعمة السريعة ليست مسئولة فقط عن زيادة الوزن والسمنة بل قد تؤذي البصر أيضا. وقال الباحثون إن الإفراط في استهلاك هذه الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون يزيد خطر الإصابة بتلف ” الماكيولا ” العينية المرتبطة بالتقدم في السن، وأشار الباحثون إلى أن الدهون أحادية الإشباع ومتعددة الإشباع وأحماض ” لينولييك ” المستخدمة في تصنيع الأطعمة السريعة، إضافة إلى الأطعمة المصنعة كالزبدة والشيكولاته والفطائر المحلاة والكيك والبسكويت وزبدة الفول السوداني والشيبسي والمكسرات، تجعل الأفراد في خطر أعلى للإصابة بأمراض العين.
وأظهرت دراسة طبية أجراها الباحثون في ” الكلية الملكية الأسترالية والنيوزيلندية لطب العيون ” أن تناول الخضراوات الورقية الداكنة قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض العيون التحللي، وكان العلماء في جامعة ” هارفارد ” قد اكتشفوا أن مادة “لوتين”-وهي مادة قوية مضادة للتأكسد- موجودة في الخضراوات الورقية الداكنة مثل السبانخ واللفت والبروكولي تمنع تراكم الجزيئات الضارة من السموم والشوارد الحرة في الجلد والعيون، وتحميها من أشعة الشمس الضارة.
ويشجع الباحثون أيضا على تناول الأسماك لما تتمتع به من فوائد صحية ووقائية، فقد أظهرت دراسة حديثة أن مكملات زيت السمك تحسّن وظائف الخلايا المبطنة لجدران الشرايين الكبيرة عند الأشخاص المصابين بارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. وأوضح الباحثون في كلية الطب بجامعة ويلز البريطانية أن تناول مكملات زيت السمك الغنية بالأحماض الدهنية “أوميجا-3″ بجرعة 4 جرامات يوميا لمدة أربعة أشهر يحسّن وظائف بطانة الأوعية الدموية ، التي تم قياسها بالاختبار فوق الصوتي أو فوق السمعي الفعالة في تحديد كمية الدم المتدفقة إلى الذراع التي تعتبر بدورها مؤشرا جيدا على فعالية الشرايين التاجية المغذية للقلب، ومن المعروف أن نظام ” اوميجا 3 ” الغذائي مرتبط بشعوب البحر المتوسط .
وأشار الخبراء إلى أن تناول بيضة واحدة يومياً قد يساعد في الوقاية، ووجدوا أن البيض غني بمركبات طبيعية تفيد العيون، وذكروا أن البيض من الأطعمة المغذية الغنية بالبروتينات والدهون غير المشبعة والمواد المضادة للأكسدة، وهو يحتوي على نسب عالية من الأحماض المفيدة للقلب، والتي ثبت أنها تقلل مستويات الدهنيات الثلاثية وضغط الدم، وبالتالي تخفف الجهد الواقع على القلب، ويُعدّ البيض من أفضل المصادر الغذائية للبروتينات، كما يحتوي على (13) نوعاً من الفيتامينات، كما أن قشر البيض يعالج مرض هشاشة العظام، وأنه من الممكن استخدامه في تدعيم الأغذية، وهو غني بعنصر الكالسيوم اللازم لتقوية العظام، والمعادن الضرورية وخصوصاً من فيتامين بـ(12) والفوليت.
وهناك أيضا بعض الأغذية التي تعمل على الوقاية من هذا المرض مثل نبات البروكلي والذي اكتشف الباحثون في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز أن مادة “سلفورافين” الموجودة فيه تعمل على حماية خلايا شبكية العين ، وذلك من خلال مقاومتها لعمليات التأكسد في الشبكية التي تنجم عن تعرض العين للأشعة فوق بنفسجية؛ ولكن قد لا يتوفر نبات البروكولي للجميع، لذلك ينصح بأن يلجأ الإنسان إلى زهرة القرنبيط؛ لأن نبات البروكولي من عائلة القرنبيط، وهو كثير الشبه به.
وعلى أي حال فإن تناول غذاء صحي متوازن يساعد على تقليل خطر الإصابة بهذا المرض, ويراعى أن يحتوي الغذاء على أنواع مثل الجزر والذرة والكيوي واليقطين والكوسا, إضافة إلى العنب الأحمر والبازلاء الخضراء, والخيار والفلفل الأخضر والسلري والشمام والمشمش المجفف والطماطم ومنتجاتها كل هذه الأطعمة من شأنها المساعدة في حماية العين من الآثار المؤذية والمشكلات الخطرة في الصغر وفي الكبر أيضا .
سعد قنديل