التكنولوجيا الحديثة خطرا يهدد المهن اليدوية
إن التطور العلمي والتقني والتقدم الذي شمل حياة الإنسان جعل العديد من المهن والحرف في زاوية النسيان بعد أن كانت تملأ الحياة الاجتماعية والاقتصادية بالنشاط والعمل المثمر, فقد كان لهذه الحرف والمهن اسواق وتجمعات وارتباط وثيق بدعم الحركة الاقتصادية نتيجة استيراد العدد والأدوات التي يحتاجها الحرفي لتأدية عمله على الوجه الأكمل.
ونتيجة لتلك التكنولوجيا أصبحت العديد من هذه المهن أثرا بعد عين، حتى أن بعضها مضى على تركها أو عدم مزاولتها أكثر من نصف قرن بحيث أصبح الجيل الحالي لا يذكر عنها شيئاً فقد غدت جزءاً من التراث الشعبي…
الكثير من الحرفيين لم يكن وضعهم يسمح بشراء المواد الخام حتى مع العمل المكثف واحتفظت الكثير من المهن والحرف بطرق بدائية من سمات العصور الوسطى وكان عماد الحرفة (الصانع) الذي يعمل لخدمة السوق مباشرة وكان غالبية الحرفيين يرتبطون بالإنتاج الصناعي ويبيعون بضائعهم دون وسيط.
وفي المدن التي قام بها الإنتاج الحرفي كانت السوق مكاناً لإنتاج وبيع السلع المنتجة يدوياً وكان الحرفيون يتجمعون في طوائف وأماكن وأسواق معينة كانت توزع على أساس مهني إضافة إلى وجود الخانات لتجميع بعض هذه الحرف.
وكان الحرفي يعمل وحده أو بمساعدة أفراد أسرته أو بعض الصبية وكانت الأدوات بدائية جداً واحتفظت فروع معينة من الحرف اليدوية بوضعها وتأتي في المحل الأول تلك التي تلبي حاجات السوق المحلية التي تنتج الأقمشة الطبيعية والأواني الفخارية والأسلحة والأحذية وانتشر بسبب ذلك عدد لا بأس به من الورش الصغيرة مثل المدافع والمدابغ لصناعة الجلود والأنوال اليدوية تنسج الأقمشة المحلية مستخدمة الغزل المحلي والمستورد وكذلك الأنوال للمنسوجات القطنية للأسواق (الجومة) وكان العمال يعملون بالمتوسط ثمان ساعات صيفاً واثنتي عشرة في الشتاء إضافة إلى عدم تمتع العمال والصناع الذين في هذه الورش بأي ضمان قانوني أو اجتماعي إضافة إلى عدم وجود قوانين تنظم هذه الأعمال.