مبدعونرواد الأعمال

الغربة مدرسة علمته.. رجل الأعمال (صالح لوتاه) يستعد للمشاركة في تحدي “الرجل الحديدي”

يستعد رجل الأعمال الإماراتي (صالح عبد الله لوتاه) للمشاركة في بطولة “الرجل الحديدي” المقرر إقامتها فى مدينة دبي, ينتمى لوتاه لعائلة تجارية عريقة، لكنه فضل أن يصعد السلم من بدايته في عالم الأعمال، بدأ بوظيفة بسيطة اختارها بعناية، ثم تدرج شيئًا فشيئًا في مواقع العمل حتى وصل لمنصب الرئيس التنفيذي لمجموعة لوتاه القابضة، وهي واحدة من كبرى الكيانات الاقتصادية في دولة الإمارات. كما انه يترأس مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات في الإمارات.

يرى (صالح لوتاه) أن العمل في القطاع الخاص أهم قرار اتخذه في حياته, يقول “كنت محظوظًا لأنني بعد التخرج اشتغلت مع والدي”, يعمل لوتاه ليكون صوت القطاع لمتخذي القرار, وفى هذا يقول أن “الشراكة بين الخاص والدولة مهمة لابتكار حلول غير تقليدية”, مطالبا بـ”رفع معايير الجودة والصناعة”, يؤمن بشدة بأن “الواقعية أهم صفات رجل الأعمال الناجح”.

حصل (صالح لوتاه) على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وشهادة الإدارة العامة والأعمال الزراعية من جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد إلى وطنه لينهل المعرفة الحيّة، وتصقله الخبرات في “مدرسة” عمه الحاج سعيد لوتاه، مؤسس بنك دبي الإسلامي، وأحد أهم الشخصيات العربية والإسلامية بمجال الاقتصاد الإسلامي.

نعمة كبرى

نشأ صالح لوتاه في منطقة بورسعيد بدبي في أحضان عائلة إماراتية كبيرة ومترابطة، اشتهرت بالتجارة والأعمال، ثم انتقل في مرحلة لاحقة إلى منطقة لوتاه التي تغير اسمها فيما بعد إلى “المحيصنة”.

يرى في عائلته “نعمة كبرى”، كما يعُدّ نفسه محظوظًا لأنه من جيل السبعينيات، فقد واكب مرحلة التأسيس وبداية الطفرة والنهضة العمرانية لدولة الإمارات، ويقول في حديثه لمجلة (الرجل): “الآباء المؤسسون والقيادة الرشيدة التي حبانا الله بها المُحِبة لبلدها استطاعت وضع دولة الإمارات في مصاف الدول العالمية، حيث أصبحنا (نحن الإماراتيين) نفتخر أينما كنا بقيادتنا وبدولتنا”.

الغربة علمته

لم يكن صالح عبد الله لوتاه من الطلاب الذين يذاكرون لساعات طويلة، لكنّه كان متفوقًا، يقول “الدراسة بالنسبة لي كانت سهلة، فمع قليل من التركيز أستطيع استيعاب الدروس بشكل سريع، لهذا كنت أعطي لنفسي وقتًا للقراءة والراحة واللعب”. كان طموحه مواصلة الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالمثابرة والتركيز حصل على معدل يفوق 80% ما أهله للابتعاث إلى حيث يريد.

بعد سفره اكتشف أن حياة الغربة مدرسة، فتعلم منها كيفية الاعتماد على النفس وبناء علاقات مع زملاء من جنسيات مختلفة، يضيف “كنا نعتمد على أنفسنا في العيش والتوازن في المصروف، وواجهنا كل الصعوبات إلى أن تمكنا من إنهاء دراستنا بنجاح”.

عندما عاد إلى الإمارات عام 1997 يحمل شهادتي إدارة أعمال والماجستير في التسويق، توقع أن الكل في انتظاره للعمل، لكن الواقع كان غير ذلك، يوضح: “كان علينا أن نثبت أنفسنا ووجودنا للوظيفة المقبلة، وشخصيًّا كنت محظوظًا لأنني بعد التخرج اشتغلت مع والدي”.

الحظ كان حليفه أيضًا مع عمه، يقول: “دعاني عمي الحاج سعيد لوتاه، رحمه الله، للعمل معه، وطلب مني الذهاب للدوام لمدة أسبوع أو أكثر في كل الأقسام والشركات التي يمتلكها، كجمعية دبي التعاونية، وبنك دبي الإسلامي، والإسلامي للأغذية، وغيرها من الشركات، للتعرف على طبيعة العمل واختيار الموقع المناسب لي”.

اتجهت رغبته للعمل في جمعية دبي التعاونية ومجال المواد الغذائية، وذلك لسببين بحسب تعبيره “الأول هو ملاحظتي عدم وجود أحد من أقاربي أو من المواطنين يعمل هناك، فرأيت في ذلك فرصة لأن أخوض غمار هذا النشاط وأحقق فيه ما أصبو إليه من طموحات”.

أما السبب الثاني والأهم بحسب رأيه فهو رغبته “المساهمة في تحقيق الهدف النبيل الذي أرساه الحاج سعيد لوتاه مؤسس الجمعية الإسلامية للأغذية، وقد حرص على ابتكار مشاريع تجارية تلتزم بتحقيق التوازن بين القيم والمبادئ الإسلامية والتجارة والأعمال في الوقت نفسه”.

مشيرًا إلى أن عمه نجح في تأسيس أول جمعية تعاونية استهلاكية في دولة الإمارات ودول الخليج، من أجل توفير اللحوم الحلال الإسلامية للزبائن ليس على مستوى الدولة، بل على مستوى العالم، وأسس بنك دبي الإسلامي، فهو بحسب وصف صالح لوتاه “رجل ذو صفات نادرة، فهو تاجر ومبتكر في آن واحد كما وصفه أقرانه أنه من تجار دبي، ومبتكر ناجح على مستوى العالم”.

مجموعة مصنعي الأغذية

يترأس رجل الأعمال صالح لوتاه مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات في الإمارات، ويوضح أنها دعامة قوية لقطاع الصناعة الوطني، فهي “تؤدي دورًا محوريًّا في تمكين مشاركة المواطنين والمهنيين والشركات الصغيرة والمتوسطة لدعم تطور قطاع الأغذية المحلي”.

ويؤكد الدور المهم والمحوري للقطاع الخاص في هذا المجال، ويدعو للتوسع في بناء شراكات حقيقية على أرض الواقع بين القطاعين الحكومي والخاص لابتكار حلول غير تقليدية لتحديات الأمن الغذائي.

أكثر من ذلك يرى أن بلده الإمارات ودبي على وجه الخصوص “يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي بمفهومه الأوسع على مستوى المنطقة”، ويدلل على هذا بالإقبال الشديد للشركات للمشاركة في معرض الخليج للأغذية “جلفود”، هذا الحدث العالمي الذي “يعكس الأهمية المحورية لدبي في تعزيز الأمن الغذائي للمنطقة”.

الأهداف الثلاثة

يعمل لوتاه على تحقيق ثلاثة أهداف “الهدف الأول أن نكون صوت القطاع لمتخذي القرار، والثاني: رفع معايير الجودة في الصناعة، والثالث: ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، كمركز عالمي في صناعة الأغذية”.

ويشرح أن دبي لديها أكبر مول وأعلى برج في العالم، ويضيف “عندنا أكثر عدد مطاعم بمدينة واحدة، لهذا علينا أن نرفع المعايير من حيث مستوى الجودة والصناعة، حتى تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الأنموذج الذي يحتذى به في مجال التصنيع الغذائي”.

والسبيل لتحقيق هذا الطموح يأتي من خلال “تعزيز دور القطاع الخاص والعمل مع الحكومة لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه التجار العاملين في هذه الصناعة، فالمرحلة الحالية تتطلب وجود الرغبة والقدرة على تعاون جميع الشركات للحد من كل ما يعترض مسيرة التنمية الاقتصادية”، مؤكدًا محورية هذا القطاع من ناحية الأمن الغذائي، وتأمين المخزون الاستراتيجي الذي تحتاج إليه أي دولة في الظروف الطارئة.

السعودية العمود الفقري

وردًّا على سؤال عن رؤيته للإصلاحات والتحديثات التي يقودها ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، يجيب قال لمجلة الرجل: “لا يستطيع أحد أن يجادل في مكانة المملكة العربية السعودية فهي العمود الفقري لدول الخليج، بما تملكه من ثقل وحجم ومقومات، ولا شك أن الرؤية التي وضعها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما صاحبها من تغيير حقيقي بالمملكة اليوم، أظهر العديد من هذه المقومات والطاقات الكبيرة لدى الشباب والعقول السعودية، ما يعزز من آفاق الدور الذي يمكن أن تؤديه المملكة ومعها دول الخليج على الساحة العالمية، لا سيما في هذه المرحلة، فالظروف تسمح لأن يكون الخليج قوة عظمى، خاصة أنه يمتلك أكثر من 40 % من مخزون النفط العالمي، كما أن نسبة الشباب في منطقة الخليج كبيرة، فعلينا أن نتحد ونتكاتف، ونتحرك ككتلة واحدة”.

المستقبل للألعاب الإلكترونية

يستشرف صالح لوتاه اتجاهات الاستثمار، كاشفًا أن مجموعته تتجه للاهتمام بقطاع التكنولوجيا إذ يرى أن جائحة كورونا فتحت الآفاق للعمل المستقبلي، ومواكبة التغيير الاقتصادي على مستوى العالم، ويضيف: “لهذا نسعى دائمًا لاستشراف القطاعات المستقبلية، ومعرفة توجهات المستهلك، وفي اعتقادي أن صناعة الألعاب الإلكترونية تُعد من الوجوه العديدة للحياة التكنولوجية التي تطل من نوافذ الحداثة التقنية على الواقع البشري، وأصبحت تحكم السيطرة على الأفراد كبارًا وصغارًا”.

وبحسب توقعه سيكون لهذه الصناعة “دور كبير في تهيئة الشباب للوظائف المستقبلية بعد 10 سنوات، خاصة مع الميتافيرس والعملات الافتراضية التي ستكون حقائق واقعية في المستقبل”.

ويوضح أن الجيل الحالي ينشأ في هذه البيئة، وستكون بمنزلة الحياة العادية لهم في المستقبل، وأغلب الوظائف ستركز على “الجيل المبدع في الألعاب الإلكترونية”.

ويلفت إلى أن “الدراسات العلمية أثبتت أن الألعاب ليست ممتعة فحسب، بل تنطوي أيضًا على العديد من الفوائد العلمية التي تتنوع ما بين زيادة القدرة على التركيز، وتنمية المهارات الذهنية، وتحسين الوظائف المعرفية، وإدارة الأعمال، والقيادة”.

الأيام الصعبة تخرج رجالاً أقوياء

برأي رجل الأعمال لوتاه أنه يجب علينا الاعتراف أن “الجيل الجديد من الشباب يمتلك نظرة وقدرات جبارة، وعلينا أن نستغلها ونؤهّلها من خلال التوجيه والنصح، ونحن بحاجة إلى جلسة مصارحة ومكاشفة لمعرفة ما هو الأفضل لأجيالنا القادمة من خلال التقييم”.

وفي رؤيته لمستقبل الأجيال المقبلة، يتذكر مقولة ابن خلدون، “الأيام الصعبة تخرج رجالاً أقوياء، والرجال الأقوياء يصنعون الرخاء والترف، والرخاء يخرج رجالاً ضعفاء، والرجال الضعفاء يصنعون أيامًا صعبة”، ويضيف “هذا ما نخشى منه مستقبلًا فهناك من جيل الشباب الحالي من يعيش بترف وبذخ ولم يتجرعوا مصاعب وقسوة الحياة، أو يتدربوا مبكرًا على الاعتماد على أنفسهم، ويلزمنا أن نوظف أبناءنا في مرحلة ما بعد الثانوية وقبل الجامعة ليدخل معترك الحياة في سن مبكر، ليحتكّ بالناس ويتعلم من الحياة”.

كما يتذكر نظرة الحاج سعيد متحدثًا عن النشء والتنشئة إذ كان يقول: “الصغار هم الثروة، والشباب هم القوة، ونحن الخبرة، ولذا مد يد العون لهم، وقدم لهم كل المساعدات من أجل تعليمهم، والزج بهم إلى ميادين العمل، وأنشأ مجمعًا صناعيًّا لتخريج الجيل القادم، وهو يحمل مهنة”.

من هو رجل الأعمال الناجح؟

الواقعية أهم صفات رجل الأعمال الناجح برأي رجل الأعمال لوتاه: “وذلك بأن يكون واقعيًّا في تقييمه لجميع الأمور، وقريبًا ومتفاعلاً مع الناس وليس بمعزل عنهم، حتى يتسنى له ملامسة النجاح، وتحقيق المزيد من الإنجازات الحقيقية”.

ترك الأثر الطيب

أهم إنجاز أو هدف يسعى صالح لوتاه لتحقيقه كرجل أعمال هو: “كيف أعمل بكل جهد وإخلاص لخدمة بلدي من موقعي في القطاع الخاص، لأنني أطمح أن أترك أثرًا إيجابيًّا نافعًا لي ولبلادي، يتذكرني الناس من خلاله، فهناك كثير من الناس غادروا هذه الحياة وهم يملكون ثروات طائلة، لكنهم في طي النسيان، علينا أن نقدم جهودنا وخدماتنا لهذا الوطن المعطاء، الذي لم يبخل عنا بشيء”.

ويكشف أن أهم قرار اتخذه في حياته المهنية هو: “العمل في القطاع الخاص، الذي أعطاني مجالًا للإبداع والابتكار”، ويضيف: “أتذكر جيدًا أن الراتب الأول كان له طعم خاص، وفرحتي به كانت كبيرة”.

متعتي بالعمل

ردًّا على سؤال مجلة “الرجل” كيف تقضي يومك؟ يجيب لوتاه بأنه من صنف البشر الذين يجدون متعتهم الحقيقية في عملهم اليومي، “لذلك أستيقظ مع صلاة الفجر، ثم ابدأ بممارسة الرياضة المعتادة، ثم أتجه في التاسعة إلى مقر عملي كي أبدأ يومي المزدحم بالاجتماعات والمقابلات، وفي المساء أحرص على البقاء في منزلي مع عائلتي، خاصة أن لدي ثلاثة أولاد، أحرص أن أكون بجانبهم ليتعلموا مني دروس الحياة”.

تحدي الرجل الحديدي

وحول اهتماماته وعلاقته بالرياضة يقول “شخصيًّا أرى أن الرياضة أفضل وأهم الأنشطة التي يجب المواظبة على ممارستها باستمرار، فهي ليست رفاهية، أو تقضية وقت فراغ فحسب، وإنما يجب أن تكون ضمن الروتين اليومي وأسلوب الحياة، لذلك أمارس عددًا من أنواع الرياضة كالدراجات الهوائية، والجري، وحاليًّا أمارس تحدي (الرجل الحديدي)، للمشاركة في بطولاتها، من منطلق الالتزام وليس المال”.

زر الذهاب إلى الأعلى