النظرية البنائية هي نظرية نفسية تركز على كيفية بناء البشر للمعرفة. ترى النظرية البنائية أن البشر ليسوا مجرد ناقلات للمعلومات، بل إنهم يتفاعلون مع العالم من حولهم لتشكيل فهمهم الخاص.

تعريف النظرية البنائية

يمكن تعريف النظرية البنائية بأنها “نظرية ترى أن المعرفة لا يتم نقلها إلى الفرد من قبل المعلم أو من خلال الكتب، بل يتم بناؤها من قبل الفرد من خلال تفاعله مع البيئة”.

نعم، النظرية البنائية هي نظرية معرفية. تركز على كيفية اكتساب البشر للمعرفة، وتؤكد على دور العقل في بناء هذه المعرفة.

تستند النظرية البنائية إلى عدد من الافتراضات الأساسية، بما في ذلك:

• التعلم هو عملية نشطة: يتعلم الأفراد من خلال تفاعلهم مع البيئة، وليس من خلال مجرد تلقي المعلومات.
• التعلم هو عملية بناء: يبني الأفراد المعرفة من خلال ربط المعلومات الجديدة بالمعلومات الموجودة لديهم بالفعل.
• التعلم هو عملية مستمرة: لا ينتهي التعلم أبدًا، بل هو عملية مستمرة طوال حياة الفرد.

تركز النظرية البنائية على دور العقل في بناء المعرفة. يتعلم الأفراد من خلال معالجة المعلومات وربطها بالمعرفة الموجودة لديهم بالفعل. كما أنهم يتعلمون من خلال حل المشكلات ومواجهة التحديات.

ترتبط النظرية ارتباطًا وثيقًا بعلم النفس المعرفي، وهو مجال من علم النفس يركز على العمليات العقلية التي تتضمن المعرفة والفهم. يدرس علماء النفس المعرفيون كيفية اكتساب البشر للمعرفة، وكيف يعالجون المعلومات، وكيف يتذكرون المعلومات.

تُعد النظرية مهمة في مجال التعليم. تشير النظرية إلى أن التعلم المدرسي يجب أن يركز على بناء المعرفة من خلال التفاعل مع البيئة. يجب أن يكون الطلاب قادرين على استخدام المعرفة والمهارات التي تعلموها لإنشاء فهم جديد للعالم.

توجد العديد من الطرق لتطبيق النظرية في التعليم، مثل التعلم القائم على المشكلات والتعلم التعاوني والتعلم التجريبي. تركز هذه الأساليب جميعها على جعل التعلم أكثر نشاطًا وبناءً.

أبرز منظري النظرية البنائية 

1- جان بياجيه:

عالم نفس وفيلسوف سويسري وقد طور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال فيما يعرف الآن بعلم المعرفة الوراثية. أنشأ بياجيه في عام 1965 مركز نظرية المعرفة الوراثية في جنيف وترأسه حتى وفاته في عام 1980. يعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس.

2- جون ديوي:

هو مربي وفيلسوف وعالم نفس أمريكي وزعيم من زعماء الفلسفة البراغماتية ويعتبر من أوائل المؤسسين لها. ويقال أنه هو من أطال عمر هذه الفلسفة واستطاع أن يستخدم بلياقة كلمتين قريبتين من الشعب الأمريكي هما” العلم ” و” الديمقراطية “.

النظرية البنائية والنمو العقلي

تلعب النظرية البنائية دورًا مهمًا في فهم النمو العقلي. يعتقد علماء النفس البنائيون أن النمو العقلي يحدث من خلال سلسلة من المراحل التي يبني فيها الأطفال فهمهم للعالم من خلال تفاعلهم مع البيئة.

تستند هذه المراحل إلى مجموعة من القدرات المعرفية الأساسية، مثل القدرة على التفكير المنطقي والقدرة على استخدام اللغة. تتطور هذه القدرات تدريجياً مع تقدم الطفل في العمر.

مزايا النظرية البنائية

تتمتع النظرية البنائية بمجموعة من المزايا، منها:

• تجعل التعلم أكثر فعالية: يساعد التعلم النشط على ضمان أن يتعلم الطلاب المعلومات ويفهمونها حقًا.
• تجعل التعلم أكثر إثارة للاهتمام: يميل الطلاب إلى أن يكونوا أكثر انخراطًا في التعلم عندما يكونون قادرين على بناء معرفتهم الخاصة.
• تجعل التعلم أكثر شمولاً: يتعلم الطلاب ليس فقط المعلومات، بل أيضًا المهارات والقدرات اللازمة للتفكير النقدي وحل المشكلات.

النظرية البنائية والتعلم المدرسي

تشير النظرية البنائية إلى أن التعلم المدرسي يجب أن يركز على بناء المعرفة من خلال التفاعل مع البيئة. يجب أن يكون الطلاب قادرين على استخدام المعرفة والمهارات التي تعلموها لإنشاء فهم جديد للعالم.

توجد العديد من الطرق لتطبيق النظرية البنائية في التعليم المدرسي. تشمل بعض الأمثلة:

• التعلم القائم على المشكلات: يواجه الطلاب مشكلة ويطلب منهم حلها، مما يتطلب منهم استخدام المعرفة والمهارات التي تعلموها لإنشاء حل جديد.
• التعلم التعاوني: يعمل الطلاب معًا لحل المشكلات أو إنجاز المشاريع، مما يساعدهم على بناء المعرفة ومهارات التعاون.
• التعلم التجريبي: يشارك الطلاب في تجارب عملية تساعدهم على فهم المفاهيم العلمية.

دور المعلم في النظرية البنائية

يلعب المعلم دورًا مهمًا في النظرية البنائية. فهو ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو ميسر للتعلم. يخلق المعلم بيئة تعليمية تدعم الطلاب في بناء معرفتهم ومهاراتهم.

فيما يلي بعض الأدوار الرئيسية للمعلم في النظرية البنائية:

• مزود الموارد: يوفر المعلم للطلاب الموارد التي يحتاجونها للتعلم، مثل الكتب والموارد الإلكترونية والتجارب العملية.
• موجه: يوجه المعلم الطلاب ويقدم لهم التوجيه والدعم في رحلتهم التعليمية.
• مشجع: يشجع المعلم الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات والتعاون مع الآخرين.
• قيم: يساعد المعلم الطلاب على تقييم تقدمهم وفهم نقاط قوتهم وضعفهم.

يمكن للمعلمين تطبيق النظرية البنائية في الفصل الدراسي من خلال اتباع بعض المبادئ الأساسية، مثل:

• تشجع الطلاب على أن يكونوا نشطين في عملية التعلم: يجب أن يكون الطلاب مشاركين نشطين في عملية التعلم، وليس مجرد متلقين للمعلومات.
• تركز على بناء الفهم: يجب أن يركز المعلمون على بناء فهم الطلاب للمحتوى، وليس على مجرد حفظ المعلومات.
• تقدر التنوع: يجب أن يقدر المعلمون التنوع في الطلاب واحتياجاتهم التعليمية.

من خلال تطبيق النظرية البنائية في الفصل الدراسي، يمكن للمعلمين مساعدة الطلاب على بناء المعرفة والمهارات التي يحتاجونها للنجاح في الحياة.

فيما يلي بعض الأمثلة المحددة لكيفية تطبيق المعلمين للنظرية البنائية في الفصل الدراسي:

• يمكن للمعلمين استخدام التعلم القائم على المشكلات لجعل الطلاب يواجهون تحديات تتطلب منهم استخدام معرفتهم ومهاراتهم لحل المشكلات.
• يمكن للمعلمين استخدام التعلم التعاوني لجعل الطلاب يعملون معًا لإنجاز مهمة أو مشروع.
• يمكن للمعلمين استخدام التعلم التجريبي لجعل الطلاب يشاركون في تجارب عملية تساعدهم على فهم المفاهيم العلمية.

مفاهيم نظرية التعلم البنائية 

1- مفهوم التكيف: التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق استدماجها في مقولات وتحويلات وظيفية.
2- التلاؤم : و هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن.
4- الاستيعاب و الملائمة : الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات، والملائمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي.
5- والضبط الذاتي: الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الاضطراب.
6- مفهوم السيرورات الإجرائية: إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة، تنمو في تلازم جدلي، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية أي الأنشطة العملية الملموسة.
7- مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل، عند جان بياجي، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والأشياء، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية كاللغة و اللعب الرمزي.
8- مفهوم خطاطات الفعل: الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعمالا قصديا، وهي تمثل ذكاء عمليا هاما يعد منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطور الحسي ـ الحركي من النمو الذهني.

النظرية البنائية الاجتماعية

النظرية البنائية الاجتماعية هي نظرية نفسية تركز على كيفية بناء البشر للمعرفة من خلال التفاعل مع الآخرين. ترى النظرية البنائية الاجتماعية أن البشر يتعلمون من خلال مشاركة المعرفة والأفكار مع الآخرين، وبناءً على ردود الفعل التي يتلقونها.

تستند النظرية البنائية الاجتماعية إلى عدد من الافتراضات الأساسية، بما في ذلك:

• المعرفة اجتماعية: لا يتم بناء المعرفة بشكل فردي، بل يتم بناؤها من خلال التفاعل الاجتماعي.
• التعلم هو عملية تعاونية: يتعلم الأفراد من خلال العمل معًا ومشاركة المعرفة والأفكار.
• التعلم هو عملية مستمرة: يستمر التعلم طوال الحياة، ويتغير بناءً على التفاعلات الاجتماعية.

تركز النظرية الاجتماعية على دور التفاعل الاجتماعي في بناء المعرفة. يتعلم الأفراد من خلال مشاركة المعرفة والأفكار مع الآخرين، وبناءً على ردود الفعل التي يتلقونها.

على سبيل المثال، إذا كان طفلان يلعبان معًا، فقد يتعلمان من بعضهما البعض حول كيفية اللعب باللعبة. يمكنهم أيضًا تعلم بعض المصطلحات الجديدة أو القواعد الجديدة.

تُعد النظرية البنائية الاجتماعية مهمة في مجال التعليم. تشير النظرية إلى أن التعلم المدرسي يجب أن يركز على بناء المعرفة من خلال التفاعل الاجتماعي. يجب أن يكون الطلاب قادرين على مشاركة المعرفة والأفكار مع بعضهم البعض، وبناءً على ردود الفعل التي يتلقونها.

توجد العديد من الطرق لتطبيق النظرية البنائية الاجتماعية في التعليم، مثل:

• التعلم التعاوني: يعمل الطلاب معًا لحل المشكلات أو إنجاز المشاريع.
• التعلم القائم على المشكلات: يواجه الطلاب مشكلة ويطلب منهم حلها.
• التعلم التجريبي: يشارك الطلاب في تجارب عملية.

تركز هذه الأساليب جميعها على جعل التعلم أكثر نشاطًا وبناءً، مع التركيز على التفاعل الاجتماعي.

فيما يلي بعض الأمثلة المحددة لكيفية تطبيق النظرية البنائية الاجتماعية في التعليم:

• يمكن للمعلمين استخدام التعلم التعاوني لجعل الطلاب يعملون معًا في مجموعات صغيرة لإنجاز مهمة أو مشروع. يمكن للطلاب مشاركة أفكارهم وخبراتهم مع بعضهم البعض، وبناءً على ردود الفعل التي يتلقونها، يمكنهم تطوير فهم أعمق للمادة.
• يمكن للمعلمين استخدام التعلم القائم على المشكلات لجعل الطلاب يواجهون تحديات تتطلب منهم استخدام معرفتهم ومهاراتهم لحل المشكلات. يمكن للطلاب العمل معًا لتبادل الأفكار وتطوير حلول.
• يمكن للمعلمين استخدام التعلم التجريبي لجعل الطلاب يشاركون في تجارب عملية تساعدهم على فهم المفاهيم العلمية. يمكن للطلاب العمل معًا لجمع البيانات وتحليلها، وبناءً على نتائج التجربة، يمكنهم تطوير فهم أعمق للمادة.

النظرية البنائية والتعلم مدى الحياة

لا يقتصر التعلم على المدرسة. يستمر التعلم طوال الحياة، ويجب أن تركز أساليب التعلم على النظرية البنائية.

يمكن للبالغين استخدام الأساليب البنائية لتعلم أشياء جديدة من خلال التفاعل مع البيئة. يمكنهم القيام بذلك من خلال المشاركة في الأنشطة التي تتطلب منهم استخدام معرفتهم ومهاراتهم لإنشاء فهم جديد للعالم.

على سبيل المثال، يمكن للبالغين الذين يتعلمون لغة جديدة المشاركة في أنشطة مثل السفر إلى بلد يتحدث اللغة أو التحدث مع أشخاص يتحدثون اللغة. يمكن للبالغين الذين يتعلمون مهارة جديدة مثل العزف على آلة موسيقية الممارسة بانتظام والحصول على ردود فعل من الآخرين.

خاتمة

النظرية البنائية هي نظرية قوية يمكن أن تساعد على جعل التعلم أكثر فعالية وإثارة للاهتمام. من خلال تطبيق الأساليب البنائية في التعليم، يمكننا مساعدة الطلاب على بناء المعرفة ومهارات التفكير النقدي التي يحتاجونها للنجاح في الحياة.