في سابقة علمية تبعث الأمل للمصابين بالعمى، تمكن فريق طبي دولي من التوصل لعلاج وراثي تجريبي سمح لأشخاص مصابين بعمى خلقي باستعادة البصر تدريجيا، الأمر الذي يبشر بإمكانية التوصل لعلاج كافة أمراض شبكية العين غير القابلة للعلاج.
وهذه التجربة المخبرية التي نشرت نتائجها مؤخرا، بعد أن أجريت بنجاح على ثلاثة راشدين إيطاليين في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا (أكبر مدن ولاية بنسيلفانيا الأمريكية) كانوا يعانون من مرض نادر لا يمكن علاجه يصيب نظام التقاط الضوء في شبكية العين يؤدي إلى الإصابة بعمى تدريجي وتام في العقد الثاني أو الثالث من العمر.
وأجرى الطبيب روبن الي الأستاذ في طب العيون في معهد لندن الجامعي في بريطانيا دراسة مخبرية ثانية منفصلة شملت ثلاثة راشدين كللت بالنجاح في حالة احدهم، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ورغم أن المرضى الأربعة لم يستعيدوا البصر بشكل تام، إلا أن هذه النتائج المشجعة مهدت الطريق لدراسات أخرى لتقويم هذا العلاج الجديد لمعالجة العمى الخلقي وأمراض أخرى تصيب شبكية العين، حسبما ذكر ألبرت ماكجواير الأستاذ في طب الأطفال في قسم طب العيون في معهد الطب بجامعة بنسيلفانيا.
وماكجواير أحد المسؤولين الرئيسين عن هذه الأبحاث التي أجراها فريق طبي دولي نشرت نتائجها على موقع “نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسن” الإلكتروني.
وفي تقييمها لهذه النتائج قالت الطبيبة كاثرين هاي من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا التي أشرفت على الأبحاث التي عرضت الأحد الماضي خلال مؤتمر في فلوريدا (جنوب شرق) إن “نتائج هذه التجربة المخبرية مهمة جدا في حقل الأبحاث المتعلقة بالعلاج الوراثي بشكل عام”.
وأضافت “أنها تقدم أدلة موضوعية لتحسن قدرة شبكية العين على التقاط الضوء”، في مجال أبحاث لم يحقق أية نتائج منذ 15 سنة.
وبعد العلاج تمكن المرضى الإيطاليون الثلاثة في الولايات المتحدة وبينهم امرأتان في الـ19 والـ26 من قراءة سطور على لوح يستخدمه أطباء العيون لاختبار البصر، في حين كانوا سابقا يتمكنون فقط من رؤية حركة اليد.
وفي بريطانيا أثبتت التجارب نجاحها على شاب في الـ18 من العمر.
وقال الطبيب ألبرتو أوريكيو من معهد الطب الوراثي في نابولي (جنوب إيطاليا) أحد المشاركين في هذه الدراسة إن “التحاليل الروتينية أظهرت تحسنا كبيرا في بصر المرضى”.
واستخدم فريق أطباء العيون في أبحاثه فيروسا جديا معدلا (إدينو أسوشييتد فيروس) للحقن في شبكية العين ملايين الجينات “آر بي اي-65” غير المعدلة، التي في حال تحولها تؤدي إلى الإصابة بهذا الشكل من أشكال العمى. ولاحظ المرضى تحسنا في حالتهم بعد أسبوعين.
ويبدو أن هذا العلاج لم يسبب التهابا في شبكية العين أو أية آثار جانبية أخرى ضارة، حسب ما قال الباحثون الأمريكيون.
وقالت الطبيبة جين بينيت الأستاذة في طب العيون في جامعة بنسيلفانيا التي شاركت في الأبحاث “إن التجارب المخبرية الحالية ستستمر مع عدد أكبر من المرضى”. وأضافت “نعتقد أن تحسن البصر سيكون أفضل إذا بدأ العلاج في سن مبكرة قبل تطور المرض”.
وكان ماكجواير وزوجته بينيت ضمن فريق من الباحثين نجحوا للمرة الأولى في 2001 في تجاربهم لاستعادة كلاب مصابين بمرض مماثل البصر تدريجيا من خلال اللجوء إلى العلاج الوراثي نفسه.