المجلةبنك المعلومات

داء العجلة.. وباء يكتسح الجميع

مرض التسرع

باتت الظاهرة المسماة داء العجلة ” مرض التسرع ” منتشرة على نطاق واسع في مختلف أرجاء العالم.

وقد كان لاري دوسي أول من اهتم بتشخيص ذلك الداء ” مرض التسرع ” وتوصيف أعراضه ومعالمه وذلك في كتابه الذي حمل العنوان :”الزمان والمكان والطب”.

يكمن العامل المسبب لداء العجلة في الاعتقاد الخاطئ بأن إنجاز المهام كلها بشكل أسرع يقودنا إلى تحقيق كل ما نصبوا إليه.

أن الألمان يعتقدون أن عليهم أن يسعوا على الدوام إلى تسريع أدائهم والارتقاء به أكثر فأكثر على سلم الكمال، نظرة سريعة إلى الساعة أو إلى المفكرة التي تتلاطم فيها المواعيد, ثم يهرع واحدنا كالملسوع يتملكه القلق والخوف من التقصير في هذه المهمة أو التأخر عن ذاك الموعد.

وما الارتفاع المطرد الذي تسجله الأمراض المرتبطة مباشرة بالتوتر المرافق لضغوط العمل المتزايدة,كالأزمات القلبية والقرحات المعدية والتوتر العصبي بمختلف درجاته,إلا بعض من نتائج ذلك الاعتقاد الخاطئ.

والمحزن أننا لم نعد نحمي أنفسنا حتى في أوقات فراغنا من الانسياق وراء عجلة العمل المتسارعة, ولم نعد نجد حتى بعد انتهاء ساعات العمل اليومية أو في عطلة نهاية الأسبوع الوقت الكافي للاسترخاء أو اللعب أو الاستمتاع بشيء من طيب العيش.

مرض التسرع

“كلما رفعت وتيرة العمل أكثر ترتفع معها درجة التقصير الذي يلاحقني !” هل ينتابك –أنت أيضاً– ذلك الشعور المفعم بالإحباط؟ تبكر في الذهاب إلى عملك, يدفعك إلى ذلك تصميمك على وضع حد للتقصير وإنجاز كل ما هو متراكم من أعمال,وما أن تبدأ يومك حتى ينهال عليك سيل من المشكلات الطارئة والأزمات المحتملة والمشاريع الجديدة,ثم تصل إلى نهاية يومك وقد بلغت أبعد حدود الإرهاق,لكنك لم تتمكن من حذف أي من بنود قائمة الأعمال المتراكمة الجاسمة على صدرك, بل على العكس من ذلك لقد طالت القائمة وازداد عدد بنودها!

مؤكد أنك لست وحيداً في تجربتك هذه,كثيرون هم الأشخاص الذين يعانون من وطأة إيقاع العمل المتسارع الذي تفرضه عليهم الظروف, وذلك الضغط الذي يدفع بواحدنا في اتجاه إنجاز المزيد من الأعمال في زمن أقصر وبإمكانيات أكثر تواضعاً وعدد محدود من العاملين, إنه يكبر ويكبر!

لكن من الخطأ اختزال داء العجلة في شعور المرء بأن عليه أن يسرع باستمرار من وتيرة عمله وبأنه عاجز عن الخروج من دوامة الواجبات والالتزامات اليومية.

إن الدوران الدائم في دوامة تسيير الأزمات يأتي بالدرجة الأولى على حساب الإيقاع الذاتي الذي يتحدد بحالة المرء الجسمية والنفسية والروحية ولا يتأثر مطلقاً بضغط العمل, وهذا الإيقاع الذاتي يلعب دوراً حاسماً في بناء سعادة المرء أو تعاسته.

إننا إذا ما تجاهلنا إيقاعنا الذاتي ولم نصغ إلى ما يقوله لنا جسدنا لن نتمكن على المدى البعيد من إنجاز مهامنا وأعمالنا بالشكل المطلوب,وقد نجد أنفسنا يوماً عاجزين تماماً حتى عن متابعة الجري في دوامة الالتزامات والواجبات.

لوثر سايفرت

ترجمة: د.محمد إسكيف ”  مرض التسرع ” موهوبون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى