شاهد .. أطفال مكفوفون يرسمون برائحة الألوان
مرّ عام على إطلاق الفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعين مشروع تعليم الأطفال المكفوفين كليا أو جزئيا، والآمال لا تزال معقودة لديه لتوسعته وتطويره بما يلبي شغف هؤلاء الأطفال بالرسم.
في جولة بالمرسم، في العاصمة عمّان، لا تتوقف دهشة الزائر عند براعة الاطفال الذي يتلقون تعليمهم الأساسي في الأكاديمية الملكية للمكفوفين في اختيار الألوان ومزجها، بل في إطلاق العنان لمخيلة حرمت من معرفة مكونات اللون المرئية، لكنها تفوقت برسم ما تدفق منها من العقل إلى جسد اللوحة.
لا يحتفظ البقاعين بسرّ مرونة تعليم هؤلاء الأطفال الرسم والتعرف إلى مشاهير الفنانين في العالم، فهو لا يضع أمامهم حدودا في تعريف اللون، ويجعل من اندماج اللون إلى ما لا حدود طريقة يسيرة للتعلم، دون أن تضيع منهم مبادئ تأسيس اللوحة وتشكيلاتها.
يؤمن البقاعين بقدرة كل طفل أو فنان كما يسميه على الإبداع، مع خاصية تمييز اللون من خلال رائحته المعطرة باستخدام حاسة الشم للمكفوفين كليا، أو تحسس اللون ببصرهم المحدود وبصيرتهم الرحبة.
يقول البقاعين: “كل فنان منهم لأنني أعتبرهم فنانين لديه طريقته في الرسم والشغل وأسلوبه”. وأضاف: “أطمح في أن يستمر هذا المشروع لأن الفن أساسي في ظل هذا العالم المعتم الذي لا لون له ولا رائحة وأن يوجهوا رسالتهم إلى العالم”.
ويأمل البقاعين أن يخرج بالمشروع من المحلية إلى العالمية وأن تكون مادة الفن أساسية للخروج من إطار الصورة النمطية بأن الفن “ما بطعمي خبز” على حد قوله، رغم الإمكانيات المحدودة للمشروع واقتصار دعمه على إمدادات محدودة، ودعم مرحلي من وزارة التربية والتعليم الأردنية بفتح الباب أمامه لاختيار طلاب من الأكاديمية.
يمسك أسد لوحته وكأنها طفلته المولودة للتو، تختلط الألوان والخطوط وتظهر سيدة تتوسط اللوحة في هيئة مبهمة، يتضح أنها جدته التي غادرت الدنيا قبل سنوات وتعلق حبه بها، فأراد أن يكرم ذكراها بهذه اللوحة، بينما تذهب أسيل رمان إلى تصوير لوحة بألوان زاهية مع مراعاة أدق تفاصيلها رغم محدودية البصر.