فنان مختلف بكل المقاييس أنجز العديد من الأشياء في وقت قصير، اخترق أبواب الفنون علي تنوعها واضعًا لمسته المتميزة فربط بين الشعر والتصوير والتلوين ولكن بمفهومه الخاص متجاوزًا لعنصر الزمن لسعيه الدائم والمستمر في التجديد دون التقليد أو التخلي عن أدواته البسيطة فاستحق أن يمثل مصر في العديد من المهرجانات والمعارض العالمية.
إنه عمرو فكري 31 عامًا والذي عشق الفن منذ نعومة أظافره بالاستماع إلي الموسيقي الكلاسيكية بالإذاعة ومشاهدة الأفلام وهو بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية فضلاً عن اهتمامه بالاطلاع علي الكتب الخاصة بالسينما من خلال زيارة المكتبة وحضور الحفلات الموسيقية بالمسرح الصغير بالأوبرا وهو بالمرحلة الثانوية وإلي جانب ذلك التحق بقصر السينما للحصول علي كورسات في الاخراج والتصوير وكتابة السيناريو وكان عمره وقتها 16 عامًا ثم التحق بكلية الفنون الجملية قسم تصوير وتزامن مع ذلك وجود ورشة فنية لمخرج سويسري تحت عنوان «السينما المستقلة» نظمتها المؤسسة الثقافية السويسرية.
أكتسب عمرو مهارات كيفية صناعة فيلم فيديو بأبسط الامكانات بعد ذلك طبق مع تعلمه من خلال عمل فيلم تسجيلي مدته 7 دقائق تحت عنوان «بعيدًا في سكون الحياة» وعمره 19 عامًا مزج فيه بين الشعر والصورة والموسيقي وبعدها بعامين نظم المركز الثقافي الفرنسي أول مهرجان للسينما المستقلة وشارك بالفيلم ضمن 20 فيلما إلا أن لجنة التحكيم والمكونة من المخرج رضوان الكاشف والفنانة ليلي علوي ومدير التصوير محمود عبدالسميع طالبوا بتكرار عرض الفيلم لشدة إعجابهم به، وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة روز اليوسف المصرية.
وحصل علي المركز الأول في المهرجان ثم رشح لمهرجان «رولارو شيل» بفرنسا إلي جانب كل ما سبق اهتم بحضور بروفات فرق الرقص الحديث بالأوبرا حتي أصبح أحد أفرادها وسافر معهم إلي ألمانيا لعرض المسرحية الاستعراضية «أسرار سمرقند» وجسد في المسرحية شخصية عمر الخيام في صورة صوفية ورقص صوفي. ثم بدأ يتجه عمرو إلي دراويش الصوفية فأخذ كاميرته إلي أماكن جديدة فعاش الحضرات التي يقيمها الصوفية وتواجد بالموالد وحلقات الذكر وعكست كاميرته الأماكن التي يتواجد بها الصوفية كالأضرحة والمقامات والمساجد وحالات البشر وبالذات في طريقة المولوية إحدي أشهر الطرق الصوفية.
يعتمد عمرو في التصوير علي اللحظة الروحانية التي تمتاز بالمعني والعمق من خلال الأماكن والأشخاص وفكرة المركز التي تمثل الحياة عند الصوفية والذي يضم الأحداث والزمن والسلوك وأحيانًا يتجاوز كل ذلك للوصول إلي الله.
ومن أجل هذه المعاني لا يتوقف عند التقاط الصور الفوتوغرافية وإنما يضيف إليها ويحذف منها وأحيانا يضيف ألوانًا أو كتابات تساعده علي الوصول إلي مبتغاه وتثير التأمل والتفكير والإحساس. وشارك عمرو بمسابقة صالون النيل للتصوير الضوئي وبعد التخرج قام بعمل معرض تحت عنوان «يا حضرة مولاي» مزج فيه بين الشعر الصوفي والتصوير الفوتوغرافي فضلاً عن خط الثلث العربي وذلك بمهرجان القلعة والذي نظمه صندوق التنمية الثقافية.
وقامت بافتتاحه السيدة سوزان مبارك عام 2002م ثم شارك بنفس المعرض ببيت زينب خاتون بيت الهراوي في نفس العام ثم رشح نفسه للمشاركة بمعرض بإيطاليا من خلال الأكاديمية المصرية للفنون بروما ثم اختار «باولويسكا رنيكيا» والمتخصص في موسيقي الشرق الأوسط والمنظم لمهرجان الموسيقي من حوض البحر المتوسط لعرض لوحاته لتحويلها إلي بوسترات للمشاركة بالمهرجان عام 2003م وبنفس العام حصل علي منحة من المؤسسة الثقافية السويسرية بزيورخ علي فترة 4 شهور وكان أول فنان مصري يحصل علي هذه المنحة وتقابل معه أهم الفنانين بسويسرا وأثناء المنحة قام بعمل معرض بزيورخ أيضًا تحت عنوان «الفراش».
عاد إلي مصر وعرض مشروعه هذا بقبة الغوري ثم قام بعمل 10 لوحات تحت عنوان «وحدات القاهرة الطائرة» وعرضه بالغوري أيضًا وفي عام 2009 عبر عن فكرة إنشاء الكون كما رآها المصري القديم من خلال عمل مركب بتصوير الفيديو تحت عنوان «نون» مدته 10 دقائق عبارة عن بحيرة من كريستال الملح وشارك به بالمركز الثقافي «ضرب 18017» بمصر القديمة. ولقد أعجبت بفنه كاتبة أمريكية تدعي «ماريا جوليه» كتبت عنه في كتابها «التصوير ومصر» ضمن 12 فنانا مصريا متميزا. والآن يمارس عمرو نوعا مختلفا من الفن بالعزف الموسيقي بالنفخ في الفخار فضلاً عن نحت بعض الأعمال الفخارية والخزفية بقرية تونس بالفيوم.
كما تم اختياره لتصميم وتنفيذ ديكور مسرح «هاورد» بالجامعة الأمريكية وبالتحديد مسرحية «mr. bt» كما شارك بالتمثيل في أفلام قصيرة تم عرضها بمهرجان السينما القومي بألمانيا ولبنان ومصر. وفيلم «جنينة الأسماك» ليسري نصرالله، وحاليا يعكف عمرو علي التحضير لفيلم عن «السينما المستقلة» ولكن علي طريقته وبصورة مختلفة.
هبة سالم