ابحاث علميةابحاث بسيطة

مثلث برمودا قصته ومكانه

لطالما أثار مثلث برمودا حيرة  ودهشة الباحثين  والعلماء وأشعل دهشة  الكتّاب الذين كتبوا حوله خرافات وقصص لا حصر لها. لكن هذه الخرافات لم تأت من فراغ، ففي هذه المساحة الواسعة من المحيط الأطلسي بجانب  الساحل الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة؛ غرقت سفن عديدة  ولم نعرف لها أثر، واختفت طائرات واشخاص ، وقيل إن فرق إنقاذ بأكملها ختفت في المحيط أثناء تحليقها أو وجودها بجانب هذا المثلث .

فأين يقع مثلث برمودا هذا؟

مثلث برمودا
مثلث برمودا

 

يشغل مثلث برمودا مساحة واسعة من المحيط الأطلسي؛ إذ تتراوح مساحته الإجمالية -على حسب التقديرات- بين مليون و300 ألف كيلومتر مربع وبين 3 ملايين و900 ألف كيلومتر مربع. ويحدها من الغرب  الساحل الجنوبي الشرقي للولايات المتحدة،  ومن الشمال أرخبيل برمودا ومن الجنوب جزر الأنتيل الكبرى. وهذه المنطقة تتخذ شكل مثلث غريب.

ورغم  كل ذلك، فلا توجد أي خرائط  تحدد  حدود المنطقة التي يقع  بها مثلث برمودا ، ولم يُعترف به  كالمساحة رسمية في المحيط الأطلسي.

اختفاء غامض ومثير في مثلث برمودا

تعود قصة اختفاء السفن والطائرات في مثلث برمودا في القرن  التاسع عشر . وخاصة فى  عام 1880 اختفت سفينة تدريبية أبحرت من جزر برمودا، واختفى كذلك طاقم هذه السفينة الذي كان على متنها.

وفي عام 1918، اختفت سفينة شحن تابعة للبحرية الأميركية تدعى (USS Cyclops)، واختفى  308 أشخاص من طاقم السفينة والركاب الذين  كانوا على متنها. وكانت السفينة محملة بآلاف الأطنان من المنغنيز. ومن المدهش أن السفينة والركاب على متنها لم يُعثر عليهم حتى الآن.

وفي عام 1945، اختفى  مجموعة من 5 قاذفات أميركية “فلايت (Flight 19) أثناء تحليقها فوق منطقة مثلث برمودا، وفُقد 14 طيارا ومساعده كانوا على متنها.

وما زاد الأمر غموضا أن طائرة الإنقاذ “بي بي إم مارينر-التي ذهبت للبحث عن القاذفات الخمسة وكان على متنها 13 شخصا اخرين – اختفت أيضا فوق المثلث. وقال  المحققون من  البحرية  الأميركية أن سبب  هذه الحادثة  مجهول تماما .

وبعد هذه الحادثة وحتى ا القرن الـ20 الماضي اختفى ما يقرب  25 طائرة صغيرة أثناء تحليقها في هذه  المنطقة، ولم يعثر على أي حطام لأي طائرة أو سفينة  بجوار مثلث برمودا.

وتنقسم الآراء، بل  وغالبا تتناقض ، حول غموض مثلث برمودا، أسباب الاختفاء الغير مبررة  حتى الآن، لكثير  من الطائرات والسفن والركاب.

بعض الآراء تعتبر القوة المحركة للأحداث الاختفاء تلك , ومن هؤلاء من يذهب بعيداً في تحليله، ليفترض  أن كائنات فضائية غريبة  هي المسؤولة عن اختفاء الطائرات والسفن وخاصة  الركاب. 

ما عزز اللجوء إلى تلك الخرافات، هو ما قاله كريستوفر كولومبوس عندما أبحر عبر المنطقة في رحلته الأولى إلى العالم الجديد، فقد ذكر أن شعلة كبيرة ربما نيزك هي المسؤولة عن هذا , أن ضوءاً غريباً ظهر في تلك المنطقة بعد أسابيع. كتب أيضاً عن قراءات غير منتظمة للبوصلة فى هذه المنطقة ، ربما لأن في ذلك الوقت كانت قطعة صغيرة من مثلث برمودا أحد الأماكن القليلة على الأرض.

مثلث برمودا
مثلث برمودا

مثلث برمودا.. أو  كما يطلق عليه مثلث الشيطان

مع أن قصص الاختفاء الغامضة هذة  تعود إلى منتصف القرن الـ19، إلا أن عبارة “مثلث برمودا” لم تنتشر إلا في عام 1964، حين صاغ الكاتب الأميركي “فينسينت غاديس هذه العبارة في مقال بمجلة (Argosy)، للإشارة إلى منطقة تتخذ شكل مثلث في المحيط الأطلسي. ومنذ ذلك الحين، بدأ الكتّاب ينسجون نظريات كثيرة لتفسير أفكار غاديس  هذة حول اختفاء السفن والطائرات في برمودا.

تفسيرات علمية لظاهرة مثلث برمودا

وفي مقابل كل هذه الخرافات، انتشرت أيضا تفسيرات علمية  وجيولوجية  تفسر كل هذه  الظواهر اختفاء  الطائرات والسفن في هذه المنطقة، وإن كان سببها عوامل طبيعية وشديدة الندرة ولا يعرفها إلا قليلون.

وفي عام 2003، أثبت  باحثون من جامعة “موناش” بأستراليا أن فقاعات الميثان الضخمة بإمكانها إغراق السفن. حيث بنى فريق البحث نموذج لسفينة وأطلقوا فقاعات غاز ضخمة  ولاحظوا أن السفينة فقدت توازنها و غرقت في المياه.

وفي عام 2014، أثبتت دراسة نشرت في دورية “(Science in Siberia) إلى أن ظاهرة إطلاق الميثان قد تفسر اختفاء السفن في المحيط الأطلنطي. وقال الباحثون أن هناك جيوب من الغاز -وخاصة  الميثان- أسفل التربة الصقيعية والمحيطات وعندما يتحول الميثان في أعماق المحيط من الثلج إلى الغاز يطلق فقاعات ضخمة في الهواء قد تؤثر على اتزان المياه.

وربما تتسبب الصواعق في إشعال فقاعة كبيرة من الميثان أثناء صعودها إلى السطح  بجوار السفينة أو الطائرة وتتسبب في غرقها. وذكر العلماء أن تحول الميثان من ثلج  إلى غاز قد يسبب انفجار يشبه الانفجار النووي بشكل كبير ، ويطلق كميات هائلة من الغاز، وهذا يتسبب في تسخين المحيط وغرق السفن في المياه التى بها بالغاز، وقد يصاحب ذلك اضطرابات جوية عنيفة بسبب وجود الميثان في  الهواء  ويؤدى هذا   إلى تحطم الطائرات.

وهناك نظرية اخرى شائعة أن اختفاء السفن في هذه المنطقة سببه ما يطلق عليه الأمواج القاتلة،  وهي أمواج استثنائية  قد تتكون بلا مقدمات و يصل طول الواحدة منها إلى 30 متر وهذه الأمواج يمكنها تدمير سفن وطائرات من قوتها .

وهناك أسباب أخرى أيضا مثل :

– الطقس السيء والأعاصير:

وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي ، تعد العواصف والأعاصير منتشرة كثيراً بشكل كبير في هذه المنطقة من المحيط الأطلسي، والتي من الممكن  أيضا  أن تكون السبب وراء العديد من حالات الاختفاء المكتوب  عنها في هذه المساحة على مر  هذه السنين.

وكانت السفن التي تمر عبر هذه  المنطقة في الماضي أكثر عرضة للتّغيرات المفاجئة في الطّقس من السّفن الحديثة الموجودة حاليا والتي لديها أنظمة إنذار عالية الدّقة. وقال روزنبرغ في هذا الصدد: ”بإمكان العواصف الرعدية العنيفة التي تتكون  في البحر، بدون إنذار وبشكل مفاجئ، أن تلعب دوراً هام في تعطيل أجهزة اتصالات السّفن، وتتسبب في موجات مدمرة“

أشهر الحوادث المسجلة في مثلث برمودا

من أشهر الحوادث التي تم تسجيلها في منطقة مثلث برمودا ما يلي:

-الرحلة 19: في الخامس من ديسمبر/كانون الأول من عام 1945م، اختفت خمسُ من القاذفات البحرية الأميركية والتي تُعرَف باسم الرحلة 19؛ حيثُ اختفت في ظروف غامضة ولم يُعثَر لها على أي أثر، وقد تم إرسال طائرة بحرية أمريكية تحمل ثلاثة عشر رجلاً للبحث عنهم؛ إلّا أنّها اختفت أيضاً ولم يتم العثور على أي أثر له صلة بهم، وتعد هذه واحدة من أكثر الأسرار المُحيّرة في تاريخ الطيران .

-طائرة دس-3: في 28 من شهر كانون الأول/ديسمبر لعام 1948م، اختفت طائرة من النوع دس-3 (بالإنجليزية: DC-3 airliner) خلال رحلة من سان خوان بورتريكو إلى ميامي، وقد قال الطيار روبرت لينكويست لطاقم الإصلاح أن ضوء التحذير لم يكن يعمل ولكنه لم يكن يرغب في تأخير الإقلاع عن الموعد المحدد لأجل إجراء الإصلاحات، وكانت الطيارة تحمل 29 راكباً بالإضافة إلى 3 أفراد من الطاقم، وقد ورد تقرير عن الطائرة يخبر بأنّها كانت على بعد 50 ميلاً؛ أي ما يقارب 80 كيلومتراً جنوب ميامي؛ وذلك منذ أن تمّ الإبلاغ عن انتقالها من نيو أورليانز، وقيل أنّه من الممكن أن تكون الطائرة قد انحرفت عن مسارها، لذلك لم يتم العثور عليها أو يُسمَع أي شيء عن ركابها.

-يو أس أس سيكلوبس: يو أس أس سيكلوبس (بالإنجليزية: USS Cyclops) هي عبارة عن سفينة ضخمة اختفت في شهر آذار/مارس من عام 1918م، كانت السفينة تحمل على متنها 309 شخص، ولم يُعثَر على أي أثر لها، وقد كانت خسارتها من أكبر الخسائر الحادثة في منطقة مثلث برمودا، وكان اختفاؤها بعد مغادرتها لمنطقة بربادوس.

ستار تايجر وستار إريل: ستار تايجر (بالإنجليزية: Star Tiger) وستار إريل (بالإنجليزية: Star Ariel) هما عبارة عن طائرتين اختفتا في منطقة مثلث برمودا بفارق سنة تقريباً؛ حيثُ اختفت طائرة ستار تايجر في 30 من كانون الثاني/يناير من عام 1948م، وكانت تحمل على متنها 29 شخصاً تقريباً، أما ستار إريل فد اختفت في 17 من شهر كانون الثاني/يناير من عام 1949م، ولم يتم العثور على أي أثر للطائرات فيما بعد، كما اختفت طائرة لنفس الشركة المالكة ستار تايجر وستار إريل في عام 1947م، وعُثِرَ على حطام مشابه لها بالقرب من الأنديز في عام 1998م.

-كارول ديرينغ: كارول ديرنغ (بالإنجليزية: Carroll A. Deering) هي عبارة عن سفينة اختفت في منطقة مثلث برمودا، وقد كان قبطانُها مريضاً واضطرّ أن يتركها في الميناء في ولاية ديلاوير، ثم تمّ تسليم حمولتها في ريو، وفي طريق عودتها إلى ديارها توقّفت في باربادوس، ثم شوهدت بعد ذلك بالقرب من ولاية كارولينا الشمالية، وأُشير إلى أن الطاقم كان يتصرف بشكل غريب، ثم اختفت السفينة وعُثِرَ على جزء من حطامها بالقرب من ساحل كيب هاتيراس، وقد اختفت جميع الأمور الخاصة بالطاقم ومعدات السفينة ولم يُعثَر لها على أثر .

 

مثلث برمودا
مثلث برمودا

مثلث برمودا والقرآن الكريم

فسّر القرآن الكريم والسنة النبوية أيضًا ظاهرة مثلث برمودا هذه ، فقد جاء في الحديث الشريف عن جابر بن عبد الله عن النبي محمد – صل الله عليه وسلم – قال: ” إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة”. وهو ما يدل على أن عرش إبليس في البحر وتحت العرش سرايا من الجن أو مملكة شياطين الجن.

والدليل على أن عرش إبليس على البحر؛ ما رواه الإمام أحمد، عن جابر بن عبد الله قال الرسول الكريم – صل الله عليه وسلم – : ” عرش إبليس في البحر يبعث سراياه في كل يوم يفتنون الناس وأعظمهم عنده منزلة أعظمهم فتنة للناس “.

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: ” وله عرش على وجه البحر وهو جالس عليه ويبعث سراياه يلقون بين الناس الشر والفتن “، ولهذا قال النبي محمد – صل الله عليه وسلم – لابن صياد ما ترى قال أرى عرشًا على الماء، فقال له النبي – صل الله عليه وسلم -، اخسأ فلن تعدو قدرك أي “لن تجاوز قيمتك الدنية الخسيسة الحقيرة”، فعرف أنها مادة شيطانية مستمدة من إبليس الذي يشاهد عرشه على البحر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى