سنة 1491م عندما حاصر المالكان فرناندو و إيزبيلا مملكة غرناطة ودخلا في مفاوضات مع ملكها أبو عبدالله محمد الصغير من أجل تسليم المدينة، دخل موسى بن أبي الغسان على مجلس أبو عبدالله الصغير وهو يناقش مع حاشيته كيفية الاستسلام وتسليم المدينة، فنظر إليهم وقلبه يكاد أن ينفطر على تسليم البلاد لقد استخدموا القضاء والقدر في تبرير خوفهم وجبنهم عن نصرة الإسلام وحالهم كحال الجبرية الذين يقولون إننا مجبرون على المعاصي وعندما رأى موسى بن أبي الغسان أن محاولاته ذهبت أدراج الرياح نهض مغضبًا.
فقال لهم:
“لا تخدعوا أنفسكم ولا تظنوا أن النصارى سيُوفون بعهدهم ولا تركنوا إلى شهامة ملِكهم، فإن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدمير مساجدنا وتخريب بيوتنا وهتك أعراض نسائنا وبناتنا، وأمامنا السياط والسجون والمحار والأغلال، وهذا ما ستراه هذه النفوس الوضيعة التي تخشى الموت الشريف”.
ولم يعد يطيق موسى بن أبي الغسان أكثر من ذلك فلَكَز فَرسه وانطلق إلى حيث لا يدري أحد كما جاء من حيث لم يدر أحد و كذلك ذَهب آخر أبطال الأندلس لم يخلف له قَبرا في الأرض ولا سيرة واضحةً في التاريخ بل مر على الدنيا كالحلم بهيج وبعد ثمانية قرون من الزمان أقام المسلمون في الأندلس حضارة لم تعرفها البشرية كلها حتى حل بهم داء التفرق وفشا فيهم التنازع والاختلاف فانشغلوا بأنفسهم عن أعدائهم فحقت عليهم سنة الله وكما يقول الله تعالى “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ” وسقطت غرناطة وما كان لأحد يظن أن شمس الإسلام في الأندلس ستغرب بعد أو أن أصوات الآذان ستمنع من فوق قامات المآذن ويعلوا بعدها صوت أجراس الكنائس ولكن هذا ما كان وغربت شمس الأندلس.