شخصيات أدبيهمبدعون

أحمد عتمان.. عاشق الدراسات الكلاسيكية

يعد الدكتور أحمد عتمان واحدا من أبرز الدارسين للغة اليونانية واللاتينية في مصر، وقد قام بدور كبير في إثراء التخصص وذلك عن طريق ربط الدراسات الكلاسيكية بمثيلاتها في العالم عبر دراساته الغزيرة التي قام بها في هذا المجال، ومن خلال نشاطه الكبير في الجمعية المصرية للدراسات الكلاسيكية، حيث وظف جهوده وإمكاناته لتصبح عضوا في الجمعية الدولية للدراسات الكلاسيكية، وقد برز اسمه في مجال التأليف والترجمة منذ وقت مبكر عندما كان معيدا بقسم الدراسات اليونانية واللاتينية بجامعة القاهرة، حيث قام بترجمة عدد من أهم الأعمال الكلاسيكية التي كان لها تأثير على الأدب العربي، وامتازتْ ترجماته بالدقة والتمكن، وأثنى عليها كثير من الباحثين والمثقفين، وحصدت عددا من الجوائز والأوسمة في مصر وخارجها، هذا بالإضافة إلى إبداعه وتأليفه عددا من الأعمال المسرحية التي لقيت قبولا كبيرا، وتُرجم بعضها إلى عدد من اللغات الأوربية الحية.

يقول الدكتور أحمد فراج: ولا يعدونا الصواب إذا قلنا: إنه حقا نموذج للشخصية الكلاسيكية المستنيرة، التي وظفت دأبها وحرصها المستمرين من أجل تنظيم المؤتمرات الدولية، التي كان يحرص على مشاركة أكبر عدد من الجامعات العالمية المتميزة فيها.

مولد الدكتور أحمد عتمان

ولد الدكتور أحمد عتمان في فبراير 1945 م في محافظة بنى سويف بمصر، وحصل على الثانوية العامة من القسم الأدبي عام 1961م، وكان ترتيبــه العاشـر على مستوى الجمهورية، وكرَّمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عيد العلم في العام نفسه، والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، واختار أن يتخصص في دراسة اللغة اليونانية واللاتينية، ليحصل على الليسانس من قسم الدراسات اليونانية واللاتينية عام 1965م، وكان له نشاط واضح واهتمام كبير بالترجمة منذ التحاقه بكلية الآداب؛ فقبل حصوله على درجة الدكتوراه قام بترجمة “الإينيادة” لفرجيليوس مع آخرين، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية عن هذه الترجمة عام 1973.

رحلة الابتعاث

ابتُعث الدكتور أحمد عتمان لاستكمال دراسته في اليونان، وهناك حصل على درجة الدكتوراه من جامعة أثينا عام 1974 بتقدير ممتاز، وعاد إلى مصر ليتدرج في العمل الجامعي؛ فعمل معيداً بكلية الآداب، فمدرساً مساعدا، فمدرسا، فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً، فرئيساً لقسم الدراسات اليونانية واللاتينية، فمقررا للجنة ترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين في مجال الدراسات اليونانية واللاتينية بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية فيما بين 2001 – 2004.

التعيين

عُيِّن الدكتور أحمد عتمان مستشارا لوزير التعليم العالي لشئون مكتبة الإسكندرية عام 1989، واختير عضو شرف بأعرق وأكبر جمعية أدبية يونانية وهي البرناسوس ومقرها أثينا عام 1991، وعمل أستاذا زائرا ومحاضرا بعدد من الجامعات العربية واليونانية والإيطالية والفرنسية والألمانية والأيرلندية، كان يقوم خلالها بتدريس الدراسات الكلاسيكية والأدب المقارن والمسرح، كما اختير عضوا باللجنة الاستشارية باليونسكو الخاصة بالتعددية اللغوية والتعليم المتعدد اللغات في مشروع السلام اللغوي، وعضوا بمجمع اللغة العربية الليبي، وعضوا مراسلا بالمؤسسة اليونانية للثقافة، وعضوا باتحاد الكتاب بمصر، وعضوا في مجلس إدارة جمعية الأدباء وجمعية الصداقة المصرية اليونانية، وجمعية أصدقاء المتاحف، وعضو لجنة الترجمة والمسرح بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر.

تأسيس الجمعية المصرية للدراسات اليونانية والرومانية

والدكتور عتمان هو مؤسس الجمعية المصرية للدراسات اليونانية والرومانية، وكان ممثلا لها لدى الاتحاد الدولي للجمعيات الكلاسيكيةFIEC، وأشرف على إصدار كتابها السنوي عدة دورات، وشغل منصب أمين عام المؤتمر العلمي الأول الذي نظَّمته الجمعية عام 1986، وسكرتير عام المؤتمر الثاني الذي نظمته الجمعية بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي عام 1989 وقد دارت موضوعاته حول العلاقات الحضارية بين مصر وروما، وطُبعت أعماله في إيطاليا عام 1992.

المشاركات العلمية

كما شارك في تنظيم المؤتمر الثاني الذي عُقد في الإسكندرية عام 1992 بعنوان: “الإسكندرية والعالم الهيللينستي الروماني، وشارك في تنظيم المؤتمر الثالث الذي عقد في روما عام 1995 بعنوان: “مصر في إيطاليا منذ القدم وحتى العصور الوسطى” وأشرف على المؤتمر الرابع الذي عقد بالوادي الجديد بمصر وعلى طبع أعماله عام 1998، وأسهم في تنظيم المؤتمر الخامس الذى عقد في تورينو بإيطاليا عام 2001، وشارك في تقديم الكتاب الذى ضم أعمال المؤتمر بنفس المدينة عام 2004، وأشرف علي تنظيم المؤتمر السادس الذي عقد في شرم الشيخ عام 2005 بعنوان: “ثقافة سيناء والبحر الأحمر منذ القدم وإلي اليوم.

تأسيس الجمعية المصرية للأدب المقارن

وأسس الدكتور عتمان الجمعية المصرية للأدب المقارن بمصر وأصبح رئيسا لها لسنوات عدة، وأشرف على إصدار الكتاب السنوي الأول للجمعية بعنوان: الأدب المقارن في العالم العربي – القاهرة 1991، وكان يشرف على تحرير مجلة “مقارنات” التي صدر عددها الأول في القاهرة عام 2002، وأسَّسَ مركز الدراسات اللغوية والأدبية المقارنة بكلية الآداب جامعة القاهرة، ومجلة “أوراق كلاسيكية” التي تصدر سنوياً عن قسم الدراسات اليونانية واللاتينية بكلية الآداب جامعة القاهرة، ورئيس تحرير “الكتاب السنوي” للجمعية المصرية للدراسات اليونانية والرومانية، وشارك في تأسيس مجلة “القاهرة” الأسبوعية الثقافية، وعمل نائباً لرئيس التحرير بها لبعض الوقت، كما شارك في تأسيس مجلة “تراث المسرح” وعضوية هيئة التحرير، ويشرف على إصدارها المركز القومي للمسرح، بالإضافة إلى عضويته في مجلس تحرير مجلة (JOAS)  التي تُطبَع في أثينا باليونان، وهيئة تحرير مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، وعضوية الهيئة الاستشارية لتحرير حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، بكلية الآداب، جامعة الكويت.

التكريمات

حصل الدكتور أحمد عتمان على جائزة جامعة القاهرة التقديرية، وجائزة نجيب محفوظ في الآداب، عام 2005، وأدرج اسمه في عدد من الموسوعات المصرية والعالمية، كما اختير ليكون سفيرا للحضارة الهللينية في الشرق الأوسط من قبل المؤسسات اليونانية المعنية ضمن ثمانية سفراء على مستوى العالم.

المؤلفات:

للدكتور أحمد عتمان عدد كبير من الكتب والمؤلفات المهمة التي أسهمت في التعريف بروائع الأدب اليوناني واللاتيني، من أهمها:

المصادر الكلاسيكية لمسرح توفيق الحكيم، دراسة مقارنة، والشعر الإغريقي تراثاً إنسانياً وعالميا، وكليوباترا وأنطونيوس، دراسة في فن بلوتارخوس وشكسبير وشوقي، والأدب اللاتيني ودوره الحضاري حتى نهاية العصر الذهبي، والأدب اللاتيني ودوره الحضاري، العصر الفضي، أيجيبتوس، وقناع البريختية والشيوعية، دراسة في المسرح الملحمي، التنوير الذهني البريختي والتطهير الأرسطي، بريخت بين الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي، أيجيبتوس، وطريقنا إلى الحرية، محاورة: زكى نجيب محمود – أحمد عتمان، وتاريخ قبرص جزيرة الجمال والألم منذ القدم وإلى اليوم، والكلاسيكية في مسرح عصر النهضة والتراث المتجدد في مسرحيات شكسبير وراسين، وطه حسين ومستقبل الثقافة الكلاسيكية في مصر.

التأليف الإبداعي:

وللدكتور عتمان عدد من الكتابات المسرحية التي تُرجِم بعضُها إلى اللغات الأوربية الحية، وقد أثنى عليها النقاد والباحثون ومنها:

“كليوباترا تعشق السلام” مسرحية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقد ترجمت إلى اللغة الإيطالية والفرنسية والإنجليزية، وتناول المسرحية بالدراسة الباحثون والنقاد فكانت موضوعا لأربع رسائل علمية جامعية بين الماجستير والدكتوراه في الجامعات المصرية والأجنبية، و”عودة البصر للضيف الأعمى” مسرحية، وقد عرضت بالكويت بعنوان “الدينار” عام 1983 وتُرجِمت إلى الفرنسية، و”الحكيم لا يمشى في الزفة” مسرحية، نشرت بمجلة عالم الكتاب 1988م، وقدمتها فرقة السامر المركزية بدار الأوبرا بالقاهرة 1991، و”زفاف عروس المكتبات”، مسرحية عن مكتبة الإسكندرية القديمة ومشروع إحيائها الحديث، وقام بترجمتها إلى اللغة الإيطالية الصديق العزيز الأستاذ الدكتور عبد الرازق فوقي عيد عام 2004م ونشرتها دار نشر كوزمو يانوني في روما، و”معيز البهنسا”، وقد عرضت في مهرجان قبرص للدراما الإغريقية القديمة عام 2004، و”حسناء في سجن سقراط” وهي مسرحية من فصلين.

نشاطه في الترجمة:

  • – ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اليونانية الحديثة، أثينا 1987 (بالمشاركة).
  • – ترجمة الكتاب السادس من “الإينيادة” للشاعر فرجيليوس من اللاتينية.
  • – “هرقل فوق جبل أويتا” لسينيكا من اللاتينية، ونشرت ضمن سلسلة: من المسرح العالمي الكويتية.
  • – “السحب” لأريستوفانيس، من اليونانية القديمة، ونشرت ضمن سلسلة: من المسرح العالمي الكويتية.
  • – ترجمة “بداية ونهاية” لنجيب محفوظ إلى اليونانية الحديثة، الناشر بسيخيوس أثينا 1990، وأعيد طبعها عدة مرات ونالت جائزة كافافيس 1991.
  • – ترجمة “بنات تراخيس” لسوفوكليس، من اليونانية القديمة، ونشر ضمن سلسلة: من المسرح العالمي الكويتية.
  • – “أثينة السوداء، الجذور الأفرو آسيوية للحضارة الكلاسيكية، المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، وفاز بجائزة أفضل كتاب في مجال الترجمة لعام 1997 بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، 1998.

– “هرقل مجنونا” ليوريبيديس، المشروع القومي للترجمة.

  • – “الإلياذة” لهوميروس (مع آخرين) المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، ونالت درع المجلس الأعلى للثقافة عام 2005 في احتفالية خاصة بالترجمة.
  • – موسوعة كمبريدج في النقد الأدبي، المجلد الأول النقد الأدبي الكلاسيكي (مع آخرين)، المجلس الأعلى للثقافة القاهرة 2005.
  • – وقد ترجم الكثير من القصص القصيرة والقصائد الشعرية من الأدب اليوناني الحديث وهي منشورة في مختلف الدوريات الثقافية المصرية والعربية.

نشاطه في الصحافة:

 

نشر الدكتور عتمان عشرات المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية وفي المؤتمرات العلمية المختلفة، ومن تلك المقالات: محمد مندور، أوديسيوس النقد الأدبي، مجلة “الطليعة”، مايو ، 1975، وطه حسين ومستقبل الثقافة الكلاسيكية في مصر”، مجلة “الكاتب” عدد 49، أكتوبر 1977، ومستقبل الثقافة الكلاسيكية في مصر”، مجلة “الكاتب” عدد 203، فبراير 1978، وأوديب بين أصوله الأسطورية وهمومه الوطنية على خشبة المسرح المصري، ونشر بمجلة “البيان” الكويتية، من العدد 155 فبراير 1979 حتى العدد 158 مايو 1979، والثقافة الكلاسيكية في شعر شوقي”، مجلة “الشعر” عدد 16، يوليو 1979، وشوقي بين الخلفية الكلاسيكية والمسألة الوطنية في مسرحية قمبيز”، مجلة “الشعر”، عدد 17، أكتوبر 1979. إضافة إلى إشرافه على عشرات الرسائل والبحوث الجامعية في الماجستير والدكتوراه، ومراجعته وتقديمه للعديد من الكتب المؤلفة والمترجمة.

وقد أثنى عليه وعلى ترجماته كبار المثقفين والأدباء منهم: دكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق، والدكتور ماهر شفيق فريد، والأستاذ خيري شلبي، والدكتور عبد المنعم تليمة، والدكتور مجدي وهبة، والدكتور شكري عياد والدكتور محمود علي مكي والدكتورة سهير القلماوي وتوفيق الحكيم وغيرهم. يقول دكتور مجدي الكيلاني: الدكتور أحمد عتمان أستاذ متميز مرموق في الدراسات الكلاسيكية وهو في الوقت ذاته أديب ومبدع ومؤلف لعدد من المسرحيات التي حققت نجاحا كبيرا بشهادة جمهور القراء وشهادة النقاد المتخصصين. ومما قاله الدكتور ثروت عكاشة عن كتاب الموسوعة الكلاسيكية وأسلوبه: منذ بدأت مطالعة هذا الكتاب أحسست بمتعة حقيقية، فقد كانت سلاسة الأسلوب أشبه بأجنحة تحملني وسط حدائق بهيجة، ووجدت إلى جانب رشاقة الأسلوب وعمقه وأصالته منهج أستاذ واعد ودارس لموضوعه.

أهم المصادر والمراجع:

  • أوراق كلاسيكية العدد الحادي عشر، أعمال مؤتمر الدراما والديموقراطية منذ القدم وإلى اليوم، مارس 2012م، كتاب تذكاري للأستاذ الدكتور أحمد محمد عتمان.
  • د. مجدي كيلاني: الأستاذ الدكتور أحمد عتمان، مجلة أوراق كلاسيكية، العدد الحادي عشر، مارس 2012م.
  • د. أشرف أحمد فراج: الأستاذ الدكتور أحمد عتمان، مجلة أوراق كلاسيكية، العدد الحادي عشر، مارس 2012م.
  • د. زين العابدين أبو خضرة: أحمد عتمان ويوم لا يهمله التاريخ، مجلة أوراق كلاسيكية، العدد الحادي عشر، مارس 2012م.
  • د. عادل النحاس: الأستاذ الدكتور أحمد عتمان، مجلة أوراق كلاسيكية، العدد الحادي عشر، مارس 2012م.
  • د. ماجد النويعمي: الديموقراطية بين أريستوفانيس والحكيم في مسرحية ” الحكيم لا يمشي في الزفة” لأحمد عتمان، مجلة أوراق كلاسيكية، العدد الحادي عشر، مارس 2012م.
  • د. أحمد عتمان: الإلياذة هوميروس، المركز القومي للترجمة، مصر، الطبعة الثانية، 2008م.
  • د. أحمد عتمان: الشعر الإغريقي تراثا إنسانيا وعالميا، عالم المعرفة، الكويت، العدد 77، مايو 1984م.
  • رواد الدراسات اليونانية واللاتينية كلية الآداب جامعة القاهرة، إعداد: أ.د. علي عبد التواب علي و أ.د. عادل سعيد النحاس، صدر عن كلية الآداب جامعة القاهرة عام 2019م.

د. وجيه يعقوب

كلية الألسن – جامعة عين شمس – قسم اللغة العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى