دخل البروفيسور السوري “أسامة الخطيب” عالم الهندسة الكهربائية ووصل للعالمية من خلال الروبوتات الآلية والأبحاث العلمية المهمة التي أنجزها. رحلته العلمية بدأت من مديبنة حلب, حيث النشاة وانتهت به في فرنسا, حيث حقق نجاحات علمية شهد بها العالم. وحصد سلسلة جوائز عملية بينها جائزة جمعية الروبوتات اليابانية(JARA) في البحث والتطوير في عام 1996، وجائزة IEEE RAS Pioneer في الروبوتات والأتمتة في عام 2010 ، وجائزة IEEE RAS للخدمة المتميزة في عام 2013.
ولد الخطيب عام 1950 في مدينة “حلب” ومنها انطلق إلى “فرنسا” لدراسة الهندسة الكهربائية في جامعة “مونبلييه” عام 1971 وحصل على شهادة البكالوريوس منها، ليكمل بعدها دراساته العليا بمجال الهندسة الكهربائية وانتهى منها عام 1974، وعمل خلال عامين في مجال التحكم الآلي حتى عام 1976.
بعد 14 عاماً وبالتحديد عام 1980، حصل “الخطيب” على شهادة دكتوراه في “الأنظمة الأوتوماتيكية” من “المدرسة الوطنية العليا لعلوم الطيران والفضاء” في “تولوز” الفرنسية، لتبدأ رحلته بعدها في جامعة “ستانفورد” الأمريكية حيث عمل هناك كباحث مشارك لمدة ثمان سنوات من عام 1981 حتى عام 1989، وتابع مشواره في الجامعة كأستاذ مشارك لمدة 9 سنوات من 1990 حتى 1999 بقسم علوم الكمبيوتر والهندسة الميكانيكية وفق المصدر.
خلال عمله كأستاذ مشارك بين عامي 1990 و1999 شغل “الخطيب” منصب مدير منتدى الكمبيوتر بـ “ستانفورد” ومنصب رئيس المؤسسة الدولية لأبحاث الروبوتات، ومدير معهد روبوتات “ستانفورد” وعضو مبادرة بمبادرة بيو إكس بالجامعة الأمريكية، وبعد عام 2000 تمت ترقيته ليصبح أستاذاً متفرغاً في جامعة “ستانفورد”، وعمل في فترات متفرقة كأستاذ زائر في جامعات مختلفة، بما في ذلك جامعة سنغافورة، و EPFL ، و Paris VI ، و Scuola Superiore S. Anna.
عام 2016 توجّه “الخطيب” إلى “القاهرة” حيث ألقى محاضرة علمية في مدينة “زويل” للعلوم والتكنولوجيا في “مصر” في مجال علم الروبوت بعنوان “نموذج روبوت لاستشكاف المحيطات”، كما حصل على عضوية فخرية في الجمعية العربية للروبوت والذكاء الاصنطاعي، وشارك عام 2020 في أعمال منتدى تحدي “محمد بن زايد” العالمي للروبوت في “أبو ظبي” وألقى محاضرة عن “الروبوتات الغواصة للاستكشافات البحرية”.
الروبوت “أوشن ون”
أبرز إنجازات “الخطيب” هو الروبوت “أوشن ون” حيث اخترع هذا الروبوت الذي سمّي بالبشري له رأس وعينين وذراعين ويستطيع الإحساس باللمس ويغوص لأعماق البحار ويستكشف الآثار الموجودة في القاع ويستطيع الدخول للأماكن التي لا يستطيع الإنسان الوصول إليها تحت البحر وذلك في 16 آذار الماضي بحسب ما نشر “Plongée à El Haouaria Club Ras Adar” على فايسبوك.
حورية البحر الآلية
يصف موقع جامعة “ستانفورد” الروبوت “أوشن ون” بأنه حورية البحر الآلية بطول يبلغ 5 أقدام ورأس برؤية مجسمة تظهر لقائده بالضبط ما يراه الروبوت، لكن أبرز ميزاته عن بقية الروبوتات هو تزويد كل معصم مفصلي بأجهزة استشعار للقوة تنقل ردود الفعل اللمسية إلى أدوات تحكم القائد ، بحيث يمكن للإنسان أن يشعر ما إذا كان الروبوت يمسك بشيء ثابت وثقيل ، أو خفيف وحساس.
عن تجربته في جامعة “ستانفورد” وصف “الخطيب” ذلك في لقاء صحفي له بأن البيئة كانت ديناميكية مذهلة لم يختبرها بحياته من قبل، مبيناً أنه مجرد اكتشاف هذا المكان الذي وصفه بالمثير جعله يبقى عاماً تلو آخر حتى بقي للأبد.
أما عن الروبوتات فقال “الخطيب” أن صانعيها حصلون على الكثير من الإلهام من الإنسان، ولا يحاولون فقط تسجيل الحركة البشرية وإعادة تشغيلها، بل فهم ما وراء هذه الحركة وما هي الاستراتيجية وكيف يمكن ترميزها في شيء يمكن للروبوت استخدامه كاستراتيجية حتى يتمكنون من التعميم، مبيناً أنه لا يتم البحث فقط عن إيجاد حل لمشكلة معينة أو هندسة الروبوت بل يبحثون عن حل يمكنه معالجة عدد من جوانب المشاكل، مضيفاً: “لأن الروبوتات هي في النهاية كل أنواع المهام في جميع أنواع البيئات ، ونحن بحاجة حقاً إلى النظر إلى هذا التنوع”، كما اعتبر أن فكرة التحكم في القوة هي أن الحركة الآن تسترشد بعلاقة الكائن الذي يحمله الروبوت والبيئة.
وتحدث عن قصة حصلت معه في “حلب” بعد حصوله على الشهادة الثانوية وقبل سفره إلى “فرنسا” ذهب لجامعة “حلب” ليسجل في الهندسة فقال له الموظف في الجامعة حينها أنه حاصل على أعلى الدرجات ويستطيع دخول كلية الطب لذا يجب عليه أن يصبح طبيباً، وحينها أعرب “الخطيب” عن خوفه من الدم وعن حبه للعمل مع الآلات، فأصر الموظف على رفضه طالباً أن يأتي مع أبيه في اليوم التالي.
وقال أنه دائماً أحب الفيزياء والرياضيات، لكن فكرة الروبوتات لم تكن موجودة حقاً، مبيناً أنه كان مهتماً بالهندسة الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر والدوائر والإلكترونيات وكل هذه الأشياء كانت رائعة بالطريقة التي يمكننا بها إنشاء تلك الآلات الرائعة على حد وصفه.
يذكر أن “الخطيب” نجح عبر روبوت “أوشن ون” بإيصال الروبوت “أوشن ون” إلى عمق 100 متر تحت مياه البحر المتوسط في المكان الذي غرقت فيه سفينة الملك “لويس الرابع عشر” عام 1664 عند الساحل الجنوبي لـ”فرنسا” وأخرج منها مزهرية أثرية في إنجاز عجز عنه علماء الآثار والغواصون على مدى قرون.