تخصصت (كوثر فارس السحيمي)، بمجال المختبرات الطبية الإكلينيكية، فجعلت منه مادة سهلة سلسة تستوعبها كافة العقول. الحكمة التي تؤمنين بها.. (السعي والتوكل، وستُفرج في نهاية المطاف). حصلت السحيمي على درجة البكالوريوس من جامعة طيبة تخصص مختبرات طبية إكلينيكية مع مرتبة الشرف، كما حصلت على شهادة لين 6 سيجما. وهي أخصائية مختبر، وحالياً منصبها مسؤولة الجودة في مختبر تابع لمستشفى خاص من أكبر المجموعات الطبية في المملكة العربية السُّعُودية. صناعة المحتوى بالنسبة إليّها أنّ تكتب في مجال غير مسلط الضوء عليه، فالمجال الطبي ليس منتشراً مثل المحتوى الكوميدي ومحتوى الأخبار وغيره، ووجدت أنّها تمتلك مهارة الشرح وتبسيط المعلومات وإظهارها بصورة واضحة للجميع، سواءً المختصين منهم، وغير المختصين.
ما جذبها لهذا المجال, أنّ المحتوى العلمي مبخوس حقه جداً (على حد وصفها)؛ لأن المتعارف عليه أنّ المحتوى العلمي الدقيق إما أنّ يكون مدوناً في مجلات وإما في مصادر علمية أو كتب، فعامة الناس يرون أنّه من الصعب الاطّلاع على تلك الإصدارات، أو أنها معقدة عليهم. والمحتوى العلمي المُيّسر المبسط سهل الوصول إليه، والدقيق أيضاً نادر جداً، وعلى الرغم من وجود المحاولات والمبادرات التي بدأت في الانتشار في هذا السياق، فإنّه عند بدايتها لم يكن المحتوى العلمي سهل الوصول إليه، وحتى اليوم لا يزال يتطلب الكثير من المجهود حتى يصل إلى فئات أوسع؛ لذلك تصنع (السحيمي) المحتوى بما تيسر لها حين تجد وقت فراغ وتجد موضوعاً مناسباً، فتقوم بتلخيصه وتبسيطه وتتحقق من مصداقيته ودقته من مصادر معتمدة قبل النشر.
بداياتها كانت غير مخطط لها، بدأت في أول شهر من سنة الامتياز تحديداً، كان كل ما هو موجود في عقلها آنذاك أنّ تشارك المعلومات التي تعلمتها بشكل مبسط، وكانت تمتلك حباً تجاه مشاركة المعلومات مع الآخرين.
أردت (السحيمي) أنّ تدون المعلومات التي عرفتها ويصعب الوصول إليها، آنذاك امتلكت رغبة في إيجاد مرجع واحد يبسط لها كل المعلومات دفعة واحدة، وهذا الأمر بلا شك شاق، ولكن مع مرور الوقت وتمكنها من استيعاب كافة المعلومات بشكل عميق، بدأت بالنشر بعد التأكد من صحة المنشور، وتمكنت من الوصول إلى مصادر عدة.
لم ولن ولا يمكن أنّ تنشر أمراً ارتجالياً؛ لأنّ المحتوى الذي تقدمه محتوى علمي دقيق، فهناك الكثير من الأشخاص الذين قد يعتمدون عليه، لذلك ضميرها ومهنيتها لا تسمح أنّ تنشر أمراً اعتباطاً، حتى لو كانت تدرك هذه المعلومة وتثق بذاكرتها، فلا بدّ أنّ تقوم بزيارة بعض المصادر العلمية للتأكد، وإعادة التأكد من أن المعلومة صحيحة وفعالة ودقيقة، وفي أغلب الأحيان تشارك الرابط الخاص بالمعلومة، حتى يطلع المتابعون على ما قامت بتدوينه، ويتمكنون من الوصول إلى المصدر الرئيس.
مجالها المهني هو أولويتها الآن، لا تفكر وليس لدها توجه أنّ تصبح مشهورة بتفرغ تام للشهرة، فهذا ليس اختيارها، ما تريده هو أنّه أثناء مسيرتها في الترقي والنمو في مجالها المهني، أنّ تنقل بالتوازي معرفتها والمعلومات التي لديها إلى الآخرين؛ لأنّ ما يزعجها سابقاً هو عدم القدرة على الوصول إلى بعض المعلومات التي تريدها بصفتها طالبة، وعدم وجود المرشدين في العالم الإلكتروني في هذا الإطار ومن يقومون بشرح المعلومات التي نحتاج إليها، لذلك تمتلك شغفاً تجاه ما تقوم بتقديمه، وربما هو نابع من مواجهتها لتلك المشكلة في وقت سابق، وكذلك لأنّ عائلتها من المدرسين والمعلمين، فورثت منهم حب الشرح وإيصال الأفكار إلى الآخرين.
تخصص المختبرات الطبية
نظام التخصصات في الجامعات السعودية آنذاك أنّ ترتب التخصصات التي ترغب في الانضمام إليها حسب الرغبة، ومن ثمّ وفقاً للمعدل الدراسي. الرغبة الأولى للسحيمي كانت دراسة الطب البشري، والرغبة الثانية المختبرات، بعد أنّ كانت في حيرة من أمرها بين طب الأسنان والمختبرات، والسبب يعود إلى أنّ بحثها في مجال المختبرات أظهر لها أنّ عالم المختبرات واسع ويحوي بحراً من الأقسام والمعلومات، فرأت أنّه يشبع فضولها، ويتطرق بشكل كبير إلى الأحياء الدقيقة: البكتيريا، والفيروسات، والفطريات، وخلايا الدم البيضاء والحمراء وتفرعاتها، وكذلك الكيمياء داخل الجسم، وأمور أخرى كثيرة.
لا ترغب السحيمي في تحفيز الآخرين وتشجيعهم على خوض هذا المجال إذا كان الفرد غير مقتنعاً به، فكل ما تقوم به هو مشاركة تجاربها، ومعلوماتها، وطمأنة الآخرين، وتجيب عن أسئلة السائلين، فإذا كان هذا يُعدّ تشجيعاً، فذلك أمر جيد، وإذا كان لا فلا بأس؛ إذ ليس من أولوياتها تشجيع الآخرين على اتخاذ مسار من دون اقتناع، ولكن دورها أنّ تشجع من اختاروا المجال على الاجتهاد فيه، سواء الفتيات أو الفتيان؛ إذ يعجبها أنّ ترى أشخاصاً مثقفين، وشغوفين، ومتعطشين للعلم والمعرفة، ويبحثون عن المعلومات بأنفسهم، فتحفزهم على أنّ يبذلوا أقصى ما يملكون حتى تظهر إبداعاتهم.
أبرز المعوقات
أبرز تحدٍ واجهته السحيمي هو شح فرص العمل، في بداية تخرجها كانت هناك أزمة عمل كبيرة جداً، ولكن في الآونة الأخيرة باتت الوظائف تتزايد في هذا المجال، وفي كلا القطاعين العام والحكومي، وتخطتها آنذاك بأن استكملت السعي والبحث بكل بساطة.
دور العائلةُ
يهمها أنّ تكون نشطة رياضياً، ومؤمنة بأنّ الصحة الممتازة تمدّ الفرد بالسند للاستمرار في حياته بشكل أفضل، وأنّ يتعلم أكثر، وأن يتقدم في العمر بصحة جيدة، لذلك غالباً ما تبدأ يومها بتمارين رياضية، أو تمارسها في فترة الظهيرة، وإن وجدت وقت فراغ في يومها تقرأ، وليست قراءاتها محصورة في المقالات العلمية؛ إذ تحب قراءة الروايات العربية والإنجليزية وكتب علم النفس، وحتى طرق التحكم في القلق والعلاج المعرفي السلوكي، إضافة إلى حرصها على الاسترخاء في مقتبل اليوم من خلال كوب القهوة واللعب مع قططها، والتواصل مع أهلها، ومن ثمّ تنتقل إلى بقية الأنشطة.
أبرز موهبتين لدها هي شرح المعلومات والتبسيط، وتستفيد منهما في صناعة المحتوى، وغالباً ما تستعين بالأسئلة التنشيطية الترفيهية لموضوع علمي معين، وتنشرها على منصات التواصل الاجتماعي.
مصادر الإلهام
تستشف السحيمي إلهامها من كل شي حولها، ومن الشخصيات التي تقابلها في حياتها، وفي أكثر الأحيان عندما ترى أشخاصاً متفوقين في مجالاتهم، تنبهر بهم وتتعلم منهم، وتستشيرهم، وتطلب توجيهاتهم لو سمحت لها الفرصة؛ إذ يكونون مصدر قوة وإلهام كبير. أضف إلى ذلك، فإنّ دعم وتشجيع عائلتها معرفياً ومعنوياً مصدر فخر واستلهام.
بدأت السحيمي مؤخرا خطوة إلقاء المحاضرات على نطاق الجهة التي تعمل بها فتشرح لزملائها وغيرهم، لذلك أقدمت على هذه الخطوة حتى تساعد هؤلاء الأشخاص وتقدم لهم المعلومات العلمية التطبيقية في المجال المهني.