المجلةبنك المعلومات

نبضات الليزر تولد الكهرباء أسرع من أي وسيلة أخرى

إن استخدمت خيطًا زجاجيًا تقل ثخانته عن شعر البشر بألف مرة كي تصل بين معدنين ثم صدمته بنبضة ليزر مدتها واحد في المليون من المليار من الثانية ستحدث أشياء مدهشة.

إذ تتجانس هذه المادة الشبيهة بالزجاج سريعًا مع المعدن. ويولد الليزر نبضةً كهربائية خلال هذه الدائرة الصغيرة أسرع كثيرًا من أي وسيلة أخرى لتوليد الكهرباء وبدون أي جهد كهربائي. ويمكن التحكم في اتجاه التيار وشدته من خلال تغيير درجة الليزر.

وتوقع باحث في جامعة روشستر أن نبضات الليزر قد تولد تيارات كهربائية سريعة جدًا على المستوى النانوي، ويعتقد حاليًا أنه يستطيع إيضاح كيفية نجاح العلماء في توليد هده التيارات في تجارب فعلية.

وقال إيجناسيو فرانكو، الأستاذ المساعد في الكيمياء والفيزياء، «يمثل ذلك إنجازًا جديدًا في استخدام الليزر في التحكم في الإلكترونات.» وتعاون إيجناسيو مع ليبينج تشن، وهو باحث ما بعد الدكتوراه، ويو زهانج وجوانهو تشن في جامعة هونج كونج لإنتاج نموذج حاسوبي يحاكي ما حدث في التجربة. ومولتها جائزة مؤسسة كارير الوطنية للعلوم، ونُشِرَت في دورية نيتشر كوميونيكيشنز.

وأضاف فرانكو «لن تستطيع إنتاج سيارة اعتمادًا على هذا البحث، لكنه سيساعد في توليد تيارات كهربائية أسرع من أي وسيلة أخرى. وستستطيع تطوير دوائر إلكترونية على المستوى النانوي تعمل خلال فيمتوثانية. ويعد ذلك مثالًا رائعًا على تغير سلوك المادة عندما تبتعد عن الاتزان. إذ يسبب الليزر اهتزازات عنيفة في هذا السلك النانوي فتتغير صفاته تمامًا. ويعني ذلك أنه يمكننا استخدام الضوء كي نعدل صفات المادة.»

وهذا تحديدًا ما وضعته وزارة الطاقة الأمريكية في اعتبارها عندما أدرجت التحكم في المادة على مستوى الإلكترونات وفهم المادة بعيدًا عن الاتزان ضمن قائمة التحديات الرئيسة التي تواجه علماء الولايات المتحدة الأمريكية.

من النظرية إلى التجربة والإيضاح

أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية هذه التحديات في العام 2007. وهو العام ذاته الذي قاد فين فرانكو وباحث آخر في جامعة تورنتو دراسةً نُشِرَت في دورية فيزيكال ريفيو ليترز توضح أنه يمكن توليد تيارات كهربائية قوية وسريعة جدًا في أسلاك جزيئية عندما تتعرض إلى نبضات ليزر مدتها فيمتوثانية.

وتكونت هذه الأسلاك الجزيئية من سلاسل كربون خطية، وتتصل بأسطح معدنية فتكون اتصالًا على المستوى النانوي. وينشأ التيار الكهربائي بسبب ما يسمى تأثير ستارك، الذي تتغير فيه مستويات الطاقة للمادة بسبب وجود مجال كهربائي خارجي ناتج عن الليزر، ويستخدم للتحكم في مستوى المحاذاة بين الجزيئات والسطح المعدني.

ولكن هذه الدراسة ظلت مجرد فرضية لفترة طويلة. إذ كان بناء دائرة كهربائية بهذا الحجم الصغير جدًا وتسجيل ما يحدث قبل أن تتضرر الأسلاك بسبب الليزر أمرًا صعبًا جدًا، ولذا كان إثبات هذه الفرضية بالتجارب الفعلية أمرًا صعبًا.

واستمر هذا الوضع حتى العام 2013 عندما استطاع باحثون بقيادة فيرينك كروسيز في معهد ماكس بلانك البصريات الكمومية توليد تيارات كهربائية سريعة جدًا من خلال تعريض دوائر نانوية، تتكون من زجاج يربط قطبين ذهبيين، إلى نبضات ليزر.

لكن ظلت كيفية حدوث ذلك غير واضحة. وقال فرانكو أن باحثين آخرين قدموا نظريات عديدة. وعلى الرغم من اختلاف المواد المستخدمة، لكن فرانكو يعتقد أن تأثير ستارك له الدور ذاته الذي وُصِفَ في الدراسة التي أُجرِيَت في العام 2007.

وبعد جهد استمر لأربعة أعوام تضمن ملايين ساعات الحوسبة باستخدام حواسيب بلو هيف استطاعوا تأكيد ذلك. وقال فرانكو «استطعنا استعادة أكثر نتائج التجربة أهمية باستخدام وسائل حوسبية حديثة ورسمنا صورة مبسطة لكيفية حدوثها.»

ويوضح البحث أن النظرية والتجربة تعززان بعضهما. وقال فرانكو «أد. النظرية الأولى إلى تجارب لم يفهم أحد نتائجها، لكن النظريات التالية أدت إلى نتائج أفضل. لكن ما زال أمامنا الكثير لنفهمه.»

وأضاف أن علماء الكيمياء درسوا العلاقة بين تركيب الجزيء ووظائفه المحتملة عندما تكون المادة متزنة حراريًا وديناميكيًا.

وقال أيضًا «يدعوك هذا البحث إلى التفكير في العلاقة بين تركيب المادة ووظائفها عندما تكون بعيدة جدًا عن الاتزان.»

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى