اختراعاتاختراعات بيئية

مريم الحصري على منصة التتويج لابتكارها حاوية ذكية لفصل النفايات

مريم الحصري على منصة التتويج لابتكارها حاوية ذكية لفصل النفايات

“غزة المحاصرة لا تعرف الفشل، تصنع من شبابها جسرًا لاجتياز الحدود. فإن أُقفلت أمامهم وسائل المرور، فالفكر والإبداع لا يحدهما مكان ولا يوقفهما احتلال”.

بتلك الكلمات، عبّرت الريادية مريم نبيل الحُصري من سكان قطاع غزة عن عميق فخرها بما حققته من إنجاز صديق للبيئة غير مسبوق، استحقت على إثره الفوز بمسابقة “واحة الدوحة للابتكار لعام 2019”.

وأعلنت اللجنة المنظمة للمسابقة، التي نظمتها وزارة الثقافة والرياضة بدولة قطر، ضمن فعاليات منتدى الشباب الإسلامي الذي أقيم مؤخرًا على هامش اختيار قطر كعاصمة للشباب الإسلامي في العام 2019، عن فوز مشروع “الحاوية الذكية”، بجائزة الميدالية الفضية، والذي تقدمت به الريادية الحصري، من بين آلاف المتسابقين حول العالم.

بلغة واثقة تصطف كلماتها بشكل رصين، تؤكد خريجة تخصص إدارة تكنولوجية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة، أن مشروع الحاوية الذكية هو الأول من نوعه في قطاع غزة، ويهدف إلى الحفاظ على البيئة الخضراء وجمع المخلفات التي قد تؤدي إلى تلوث البيئة.

وتضيف لمجلة “آفاق البيئة والتنمية” التي حاورتها عقب إعلان فوزها بالمسابقة، أن المشروع يعمل على تحفيز المواطنين على جمع القمامة الملقاة في الأماكن العامة ووضعها في المكان المخصص لها.


آلية عمل الحاوية

وتشرح الريادية الحصري فكرة عمل الحاوية الذكية بالقول: “تعمل هذه السلة على فرز النفايات البلاستيكية والمعدنية عن بعضها البعض بهدف إعادة تدويرها بطريقة تكنولوجية، حيث تمنح الحاوية كل من يلقي القمامة بداخلها خدمة انترنت مجاني، وشحن  بطارية هاتفه الذكي، بالإضافة إلى مجموعة من العبارات التحفيزية”.

وهذه الحاوية الذكية تعمل بالطاقة الشمسية وهي مزودة بأجهزة استشعار لرصد وقياس مستوى النفايات والإبلاغ عند امتلاء الحاوية، كما تقول الحصري، مضيفة أنه بمجرد امتلاء الحاوية بالقمامة؛ يتم إبلاغ البلدية بذلك لتأتي عن طريق الاستشعار عن بعد، وترسل لهم رسالة بوجوب تفريغها.

وتقول الحصري: “الكثير من العبارات قيلت بحق المشروع لاسيما وأن فكرته سخّرت التكنولوجيا لصالح البيئة، ومن شأنه المساهمة في تعزيز السلوك البيئي الايجابي “.

وتبين أنه عندما يجري طرح الحاوية الذكية ستكون أولًا في الأماكن المغلقة كالمولات، الاستراحات، المنتجعات والنوادي، وذلك لسهولة المحافظة عليها، ثم بعد ذلك سيتم نشرها في الأماكن العامة لتعزيز ثقافة إلقاء النفايات في مكانها السليم.

وتنوه الحصري إلى أن فكرة مشروعها نبعت من خلال سيرها يوميًا على شاطئ البحر، ورؤية القمامة المنتشرة التي تشعرها بالإحباط، وتثبت انعدام ثقافة النظافة العامة لدى شعبها. وتكمل: ” لا مبرر إطلاقا لإلقاء القمامة في الشوارع والطرقات غير آبهين بالأضرار التي تجلبها، ليس على المنظر العام فحسب، ولكن على البيئة الفلسطينية التي تعرضت، وما زالت تتعرض لانتهاكات جسيمة من الاحتلال الإسرائيلي”.

وفي ندوة عقدتها مجلة آفاق البيئة والتنمية في وقت سابق بغزة أفاد الخبير البيئي الدكتور عبد المجيد أن كمية إنتاج النفايات في قطاع غزة بلغت عام 2015 حوالي 1893 طنا يوميا في حين ستكون 2230.3 طنا يوميًا في عام 2020، ومن المتوقع أن تزيد إلى 2668.2 طنا يوميًا عام 2025 لتصل إلى 3138.7 طنا يوميًا بحلول عام 2030.

مريم الحصري
مريم الحصري


بدايات المشروع

وشاركت الحصري التي اختارتها منظمة التعاون الإسلامي من بين 6176 شخصاً تقدموا للمشاركة من أنحاء مختلفة من العالم في المسابقة، حيث وقع الاختيار عليها لتمثل فلسطين من بين الدول المشاركة في هذا الحدث الكبير.

وعن بدايات المشروع تقول: “انطلقتُ في الفكرة منذ نعومة أظفاري، فما أن وطأت أقدامي أرض الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية وبدأتُ الدراسة فيها، حتى سارعت إلى طرح الفكرة على الطاقم التدريسي الذي أعجب بها”.

وتتابع: “بعد ذلك قمنا بعمل الخطط والتصاميم والدراسات اللازمة، وتم تنفيذها فعليا في آخر سنة دراسية في الكلية الجامعية “.

ولا يخلو بالطبع أي عمل من الصعوبات والمعيقات، خصوصًا في ظل واقع قطاع غزة المحاصر والذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، حيث تشير الريادية الحصري إلى عدم توفر بعض القطع والمجسّات اللازمة لعمل الحاوية الذكية، إلا أنه وبالاستعانة مع مهندسين، فقد نجحت في حل هذه الإشكالية، من خلال الحصول على هذه القطع من أجهزة أخرى مثل الطابعات.

وقد اتبعت الشابة العشرينية منهجية عمل متدرجة، فبعد شحنة الدعم التي استمدتها من مدرسيها بالكلية الجامعية، دقت الحصري باب بلدية غزة كونها جهة مشرفة على متابعة نظافة مدينة غزة، وعندما طرحت عليهم الفكرة وقدمت شرحًا مقنعًا لآلية عملها، أبدى المسؤولون في البلدية إعجابهم بالفكرة وأشادوا بها، وأقروا أن من شأنها أن تؤسس ثقافة بيئية لدى المواطنين، لاسيما في ظل وجود المحفزات.

مريم الحصري
مريم الحصري

معيقات وآمال

لكنها تنوه إلى أن العائق المالي في تجهيز عدد من هذه الحاويات يحول دون تنفيذها في الوقت الحالي، معربة عن أملها في أن تحصل على منحة مالية من أجل تطبيق المشروع “لأنني أؤمن أن الحفاظ على البيئة يعنى الحفاظ على الصحة”.

وإلى جانب مشروعها الذي تقول بأنه حاز على إعجاب المشاركين في المسابقة الدولية بالدوحة، تنوه إلى أنها شاركت كذلك مع مجموعة أشخاص من جنسيات مختلفة في مشروع آخر، وهو عبارة عن صحن من البلاستيك الحيوي الصديق للبيئة، يساعد على تغيير سلوك المستهلك في طريقة أكله ويقلل من هدر الطعام.

وكشفت النقاب عن أن “حارب الجابر” رئيس نادي العلمي القطري قد استجاب لطلبها في افتتاح نادي علمي في قطاع غزة بدعم قطري، حيث أعلن عن ذلك رسميا خلال احتفالية اختتام المؤتمر قائلا: “سنقوم بإطلاق مبادرة إنشاء نادي علمي يحقق أعلى معايير الأندية الشبابية في فلسطين وقطاع غزة، وذلك بالتعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية المعتمدة”.

وأعربت الحصري عن سعادتها بتحقيق هذا الإنجاز المميز الذي يؤكد أن الشباب الفلسطيني الريادي يمتلك العديد من القدرات والإمكانات، التي تؤهله إلى تصدر المنافسات العالمية والدولية في حال أتيحت له الفرصة وتوفرت له الإمكانات المتاحة، مهديةً فوزها إلى بلدها فلسطين وأهالي قطاع غزة وإلى ذويها وكليتها الجامعية للعلوم التطبيقية رائدة الإبداع والتميز، والتي ساندتها سواء في مرحلة الدراسة أو إعداد هذا المشروع النوعي، واختتاما بتنفيذ ترتيبات مشاركتها في مسابقة واحة الدوحة للابتكار.

المصدر: آفاق البيئة والتنمية / غزة

 

زر الذهاب إلى الأعلى