كشفت دراسة حديثة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن الأغشية المتجانسة الرقيقة المصنوعة من مادة البوليمر والتي تزيل الملح من مياه البحر ومن المحلول الملحي بشكل فعال يمكن أن توفر بديلاً واعدًا لأنظمة تحلية المياه الحالية.
وفي هذا السياق أكد أستاذ الكيمياء الدكتور (يو هان)، الذي أجرى الدراسة، “يجب أن تُظهر أغشية تحلية المياه الرقيقة المصنوعة من مادة البوليمر في نفس الوقت تدفقًا عاليًا للمياه وطردًا شديدًا للأملاح”.
المواد النانوية
وبحسب الدراسة, من المتوقع أن تفي المواد النانوية الكربونية، مثل الأنابيب النانوية الكربونية والجرافين، بهذه المتطلبات بسبب كيمياء سطحها الفريدة وميلها للتكدس في قنوات بأقطار أصغر من نانومتر واحد. ومع ذلك، فإن صعوبات محاذاة القنوات والتكديس تجعل استخدامها على نطاق واسع في الأغشية المتجانسة الرقيقة المصنوعة من مادة البوليمر أمرًا صعبًا.
أغشية كربونية
“وفي تصريح له، ذكر صاحب الورقة البحثية الأولى (جي شين)، وهو طالب ما بعد الدكتوراه في مجموعة هان التي تركز أبحاثها على تطوير مواد نانونية رفيعة، بما في ذلك المواد ثنائية الأبعاد والأطر العضوية المعدنية والأطر العضوية التساهمية، “وتكمن إحدى طرق معالجة هذه القيود من خلال أغشية كربونية مسامية ثنائية الأبعاد مع قنوات نقل جزيئية منتظمة وموزعة بشكل منتظم أقل من نانو متر”.
نمو أطر بوليمر متجانسة
ومع ذلك، تُصنّع هذه الأغشية عادةً في محلول، مما يعزز النمو العشوائي لهيكل ثلاثي الأبعاد غير منظم مع مسام دقيقة غير محددة بشكل جيد. ونجح أساتذة جامعة كاوست، الدكتور يو هان والدكتور فينسنت تونغ والدكتور إنغو بيناو والعالم السابق في جامعة كاوست الدكتور لانس لي، في تطوير طريقة تساعد في التحكم في نمو أطر بوليمر متجانسة ثنائية الأبعاد في أغشية كربون فائقة الرقة باستخدام ترسيب البخار الكيميائي.
استطاع الباحثون ترسيب المونومر ثلاثي إيثينيل بنزين على ركائز نحاسية أحادية البلورية مسطحة ذريًا في وجود قاعدة عضوية تعمل كمحفز. وهو يحمل ثلاثي إيثينيل بنزين ثلاث مجموعات تفاعلية تعمل كنقاط ربط لمونومرات إضافية. وتُظهر هذه المجموعات زاوية ١٢٠ درجة مترابطة، مما يؤدي إلى إنشاء مصفوفات منظمة من الهياكل الحلقية المحددة جيدًا والتي تتراكم في قنوات طاردة للمياه ذات الحجم النانوي.
وكان من نتيجة البحث أن أظهر الغشاء المصنوع من مادة البوليمر أداءً ممتازًا في تحلية المياه في تكوينات التناضح الأمامي والعكس، متجاوزًا تلك التي تحتوي على مواد متطورة مثل الأنابيب النانوية الكربونية والجرافين. كما أظهر رفضًا قويًا للأيونات ثنائية التكافؤ، وكذلك الجزيئات الصغيرة المشحونة والمحايدة.
ومما يفسر سرعة نقل المياه عبر الغشاء، اكتشف الباحثون أن جزيئات المياه شكلت شبكة ثلاثية الأبعاد داخل الغشاء بدلاً من التحرك عبر الغشاء على طول قنوات مثلثة عمودية كسلاسل أحادية البعد
وقال الدكتور هان: “كشفت هذه النتيجة غير المتوقعة أن القنوات الرأسية المنفصلة على ما يبدو مترابطة بالفعل من خلال قنوات أفقية قصيرة يمكننا التغاضي عنها بسهولة في النموذج الهيكلي المتوقع”.
الشحن السطحي
علاوة علي ضبط خصائص الشحن السطحي وأحجام القنوات للغشاء، يعمل الفريق الآن على تحسين الخاصية المانعة للحشف، والقوة الميكانيكية، والاستقرار الكيميائي طويل المدى للغشاء للتطبيقات العملية المستقبلية.
وأضاف الدكتور هان: “يتمثل هدفنا النهائي في توفير منصة متعددة الوظائف متعددة الاستخدامات تلبي احتياجات التطبيقات المختلفة، مثل غربلة الأيونات، والاستشعار أحادي الجزيء، والواجهات العصبية”.