مبدعوننقاط مضيئه

عدنان رمال.. أول عالم إفريقي يحصل على جائزة المخترع الأوروبي

عدنان رمال.. أول عالم إفريقي يحصل على جائزة المخترع الأوروبي

فاز  البروفسور المغربي عدنان رمال، بجائزة المبتكر الأوروبي 2017، بمدينة البندقية بإيطاليا، وذلك بعد اكتشافه عقارا معززا بمضادات حيوية بواسطة زيوت مستخلصة من الطبيعة.

وحصل المبتكر المغربي على أكبر عدد من أصوات الجمهور، وذلك بعد التصويت الذي تم عبر الموقع الإلكتروني المخصص لذلك.

وقال بينوا باتيستيللي، رئيس المكتب الأوروبي للبراءات، إن الأصوات المعبر عنها عبر الموقع تؤكد أهمية الابتكار من حيث مساهمته في القضاء على مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

ومن شأن هذا الابتكار أن يقوي فعالية المضادات الحيوية الكلاسيكية بفضل الخصائص الطبية الطبيعية للنباتات المحلية، مما سيطور العمل على محاربة البكتيريا المقاومة بينوا باتيستيللي.

وقال بينوا باتيستيللي، إن “ابتكار عدنان رمّال يهب بذلك وسيلة جديدة للعمل على محاربة تطور المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية”.

وأضاف: “وقد أثبت أن المضادات الحيوية الطبيعية والزيوت الأساسية يمكنهما الاندماج لمضاعفة مفعولهما، وقد استطاع أيضا بهذا الابتكار المهم أن يساهم بشكل قوي في تطوير المجال الصيدلي لبلده الأصلي المغرب”.

 

أول عالم من أفريقيا 

ويعد الباحث المغربي في علوم البكتيريا عدنان رمال أول عالم من أفريقيا يحصل على جائزة المخترع الأوروبي 2017 التي ينظمها سنويا المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع منذ 2006.

وقد اجتمع قرابة 600 مدعو من عالم السياسة والأعمال وبعض الفعاليات الثقافية والعلمية وذلك بالمعلمة التاريخية دار ترسانة البندقية، من أجل حضور حفل توزيع جوائز المبتكر الأوروبي لسنة 2017 الذي أعطى انطلاقته رئيس المكتب الأوروبي للبراءات بينوا باتيستيللي بمعية وزير التنمية الاقتصادية الإيطالي كارلو كاليندا.

وحسب بلاغ للمكتب الأوروبي للبراءات الذي يوجد مقره بألمانيا فإن البروفيسور عدنان رمال تسلم جائزة الجمهور ضمن جوائز المبتكر الأوروبي برسم سنة 2017 عن ابتكاره حول المضادات الحيوية بواسطة الزيوت الأساسية المستخلصة من الطبيعة.

وقال عدنان إن البحث العلمي النابع من حاجيات الشعوب هو وحده القادر على حل مشاكل التنمية في الدول العربية والأفريقية، معتبرا أنه من الخطأ استيراد الاختراعات والمخترعين المغتربين.

اختراعان

وأضاف أنه شارك عن طريق اختراعين، حيث يتعلق الأول بمكمل غذائي يخلط مع علف الحيوانات عوض المضادات الحيوية، والنتيجة أن المربين يحصلون على نتائج سارة أحسن مما كانوا يحصلون عليه باستعمال المضادات الحيوية، وبكلفة أقل، دون أي خطر على صحة المستهلك، وهذا المكمل الغذائي موضوع في السوق منذ 4 سنوات.

بينما يتعلق الاختراع الثاني بعقار يقدم للبشر يعالج التعفنات التي تسببها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ويتكون هذا الدواء من مضادات حيوية أضيفت لها مواد طبيعية مستخلصة من الزيوت العطرية.

وأنه عدنان أنه في “طريقة خلط هتين المادتين تؤدي إلى تفاعل بينهما، وهذا التفاعل يفضي إلى جزئية جديدة قادرة على محاربة البكتيريا المقاومة، وذلك لأن ميكانيزمات المقاومة لا تتعرف على هذه الجزئية الجديدة.

وأوضح أن هذا الدواء اختبر على المستوى السريري في مجال تعفنات المسالك البولية وأعطى نتائج باهرة، وستسوقه في المغرب إحدى الشركات في نهاية 2017”.

الحاجة أم الاختراع

وعن تجربته في البحث العلمي قال عدنان إنه عاد إلى بلده مباشرة بعد حصوله على الدكتوراه في 1987 وشيّد مختبرا بالجامعة، وفضّل التعاون مع أساتذة ومختبرات داخل المغرب، بدل الاشتغال في أوروبا.

وقال: “أنا أفهم أن بعض الباحثين فضل البقاء في ظروف سهلة عوض مواجهة الصعوبات في بلدانهم، ولأن الحاجة هي أم الاختراع فإن الأبحاث التي يقومون بها هي وليدة الحاجة الأوروبية، وتطلبها الشركات أو الحكومات استجابة لحاجيات الدولة التي يشتغلون بها”.

ويؤكد عدنان أن التجربة بيّنت أن هؤلاء لا يستطيعون التكيف مع ظروف البحث في بلدانهم الأصلية إذا ما قرروا العودة” وسجلت عدة إخفاقات في هذا الباب بعد أن حاولت بعض الدول استجلاب باحثين ينتمون إليها لكنهم لم ينتجوا شيئا”.

وإذا كانت الاختراعات التي تنتج في أوروبا جاءت لمواجهة ظروف خاصة بها فإنها لا يمكن أن تستجيب لمتطلبات الدول العربية والأفريقية التي تعرف ظروفا أكثر صعوبة.

وبعث العاهل المغربي محمد السادس برقية تهنئة إلى الباحث عدنان يقول فيها “إننا لواثقون من أن هذا التتويج الدولي المستحق سيشكل حافزا قويا لك لمواصلة أبحاثك، وللأجيال الصاعدة من الباحثين المغاربة لبذل أقصى الجهود لتمثيل بلدهم أحسن تمثيل، والنهوض بالبحث العلمي، إسهاما منهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة”.

رحلة علم

كانت بداية “رمّال” في العمل مع باحثة أخرى، كانت تحاول الإجابة عن سؤال لطالما أثار فضوله “كيف يمكن إنشاء عائلة جديدة من الجزيئات، مثل المضادات الحيوية، غير قابلة لمقاومة الأدوية”.

وركز البروفيسور المغربي (55 عاماً) في هذه الأبحاث على المكونات النشطة المتواجدة في النباتات، وكيف يمكنها محاربة البكتيريا التي تتنامى في البشر. وقرر أن يخلط بين هذه الجزيئات الطبيعية والمضادات الحيوية، ليكتشف في النهاية بفضل هذا المزيج، أن البكتيريا ذات المقاومة المتعددة للأدوية، يمكنها أن تكون حساسة مجدداً.

بقي هذا الاكتشاف سراً حتى عام 2005، حينما وجد من يستطيع تمويل إبداعه الخاص بالبراءات بما يقرب من 5 ملايين درهم.

كثَّف بعدها من أبحاثه وتجاربه كما يقول “المختصون داخل المختبرات لطالما أخبروني بأني أعمل على شيء غير عادي”.

أكثر من 10 أعوام، ورمّال يطوّر من اكتشافه، حتى استطاع في نهاية 2015 إجراء أول اختباراته السريرية على مرضى التهابات المسالك البولية بمساعدة مختبرات “سوطيما” المغربية، التي وافقت على استثمار تحويل العنصر النشط الذي اكتشفه رمّال إلى دواء.

وقد حصل عدنان رمال المولود بفاس سنة 1962 على شهادة الدكتوراه في الفارماكولوجية الجزيئية من جامعة باريس سنة 1987، وعلى دكتوراه الدولة في علم الجراثيم سنة 1994 من جامعة فاس قبل أن يعين أستاذا باحثا بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ويعمل على تأسيس مختبر البيوتكنلوجيا.

لم تُغر العروض الكثيرة التي حصل عليها البروفيسور المغربي في فرنسا بالبقاء هناك، فأنهى الدراسات العليا في الإلكترو- فيزيولوجيا وعلم أدوية القلب والأوعية ونال دكتوراه في علم الأدوية الجزيئي من جامعة باريس، وعاد محمّلاً بأفكار وأبحاث إلى المغرب عام 1988، حيث بدأت مسيرته اللامعة في هذا المجال، وفق ما ذكر موقع “هاف بوست” النسخة المغاربية.

 أولوية قصوى

يذكر أن منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن عدد من الحكومات والجهات الفاعلة في الميدان الصحي، جعلت من إشكال المقاومة البكتيرية للأدوية أولوية قصوى، حيث يجعل بعده العالمي معالجته أمراً صعباً، وتسبب عدوى التهابات البكتيريا المقاومة للأدوية على الصعيد العالمي حوالي 700.000 حالة وفاة سنوياً، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 10 ملايين حالة سنوياً، وذلك بحلول عام 2050، إذا لم يتم تطوير جيل جديد من المضادات الحيوية.

يصف اليوم رمّال فوزه بهذه الجائزة بالمعجزة، باعتبار “أن من يصل إليها فقط عادة ما يكون من جامعات أميركية كبرى أو شركات متعددة الجنسيات”.

لكنّ مساعيه لزرع بذور أبحاثه العلمية في المغرب، الذي كان يعتبر ضعيفاً في هذا المجال، قد نمت اليوم وأصبحت كما يحبّ أن يصفها رمّال “شجرة مثمرة ويانعة”.

ليست الأولى

وحصل البروفيسور المغربي أيضاً على اثنتين من براءات الاختراع الأوروبية الأخرى، التي تتضمن الزيوت الأساسية (إعداد مضاد للفطريات) وهي محور بحثه العلمي، وتركيبة لعلاج الطفيليات (وخاصة الملاريا المنجلية) لدى المرضى.

كما نال رمّال الدكتوراه الثانية في علم الأحياء المجهرية، وأسس شركة انطلاقة (ستارت آب) قدمت خلال عملها أربع براءات اختراع تتمحور حول خلط الزيوت الأساسية الطبيعية، حيث جذبت انتباه أحد المختبرات الصيدلية الرائدة في المغرب وغرب إفريقيا. وقد قام هذا المختبر باستثمارات مالية وتكنولوجية للمساعدة في ذلك.

كما حصد جائزة الابتكار الإفريقية لعام 2015 عن اختراعه لمكملة طبيعية للثروة الحيوانية، التي يتم إنتاجها أيضاً من الزيوت الأساسية (تحل أيضاً محل المضادات الحيوية).

وقد يحصد رمّال أكثر من ذلك، إذا ما تذكرنا مجدداً ما صرّح به جيم أونيل، الخبير الاقتصادي السابق ببنك جولدمان ساكس، بدفع مكافأة تتراوح بين مليار إلى 1.5مليار دولار مقابل أي مضاد حيوي جديد ناجع يتم طرحه في السوق.

وكانت تصريحات أونيل التي قالها، في مايو/أيار 2016، على خلفية مراجعة أجريت بطلب من الحكومة البريطانية، وخلُصت إلى أنه يتوجب على شركات الدواء أن توافق على “الدفع أو المشاركة في السباق الملحّ لإيجاد عقاقير جديدة مضادة للميكروبات، لمكافحة التهديد العالمي الذي تمثله البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى