مبدعوننقاط مضيئه

جونتر جراس .. قارع الطبول

روائي، ومسرحي، وشاعر، يعد من أهم الأدباء الألمان والأوروبيين، أسهم مساهمة فعالة في تأصيل الأدب الألماني في القرن العشرين، وانتصر للقيم الديمقراطية بواسطة الأدب الرفيع، نادى في خطاباته ومقالاته السياسية بتحرر ألمانيا من التعصب والإيديولوجيات الشمولية، وفي وقت لاحق صار واحدا من المجاهرين بانتقاد الغزو الأمريكي للعراق ودفع بان القوة العسكرية وحدها لن تهزم الإرهاب وان التوازن العالمي بين الشمال والجنوب أمر ضروري.

ولد الكاتب الألماني الكبير جونتر جراس في 16 أكتوبر من عام 1927م في مدينة دانتسيج التي اقتطعت من ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضمت إلى بولندا وأصبحت تدعى “جدانسيك” واضطر جراس عام 1944م إلى المشاركة في الحرب العالمية الثانية كمساعد في سلاح الطيران الألماني، وبعد انتهاء الحرب وقع عام 1946م في أسر القوات الأمريكية إلى أن أطلق سراحه في العام نفسه.

درس جونتر جراس فن النحت بمعهد التدريب المهني في مدينة دوسلدورف الألمانية لمدة عامين ثم أتم دراسته الجامعية في مجمع الفنون في دوسلدورف وجامعة برلين حاصلا على شهادة جامعية في فن الرسم والنحت الدقيق، وبعد ذلك ذهب إلى مدينة برلين حيث أكمل دراسته العليا في جامعة برلين للفنون حتى عام 1956م وعاش الأديب الألماني الكبير حتى عام 1959م في فرنسا وانتقل مجددا إلى برلين حيث عاش فيها حتى عام 1972م.

كتب جونتر جراس أولى رواياته الطويلة “طبلة الصفيح” التي أحدثت زوبعة في الأوساط الأدبية والنقدية عندما نُشرت في عام 1959م وقبل نشرها في كتاب حصلت هذه الرواية على جائزة من “جمعية 47″، وهي جمعية أدبية تكونت في عام 1947م لتشجيع الأدباء الجدد ونشر إنتاجهم، ومنذ ذلك الحين أصبح جراس عضواً عاملاً بها.

لاقت رواية ” طبلة الصفيح ” رواجاً كبيراً لدى القراء، ونالت شهرة ضخمة لدرجة أن فيلماً سينمائياً أعد منها من إخراج فولكر شلوندورف ونال الجائزة الأولى في مهرجان “كان” السينمائي في عام 1980م.

في عام 1963م وجه جراس ضربة أخرى للوعي الألماني بروايته “سنوات القهر” التي تناولت نفس القضية التي غطتها رواية “طبلة الصفيح” وبين الروايتين نشر جراس رواية قصيرة بعنوان ” قط وفأر” وقد صدرت هذه الأعمال الثلاثة مرة أخرى في مجلد واحد في عام 1974م تحت عنوان ” ثلاثية دانتسيج”.

وتوالت أعمال جراس الرائعة، إلى أن حصل في عام 1999م على “جائزة نوبل للآداب” عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة ” ثلاثية داينتسيج” بالإضافة إلى حصوله على جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون اوسيتسكي عام 1967م وجائزة الأدب من قبل مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994م وفي عام 2005م حصل على شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة برلين.

ولم تقتصر مسيرة حياته في عالم الأدب فقط ولكنه كان سياسيا أيضا وله مشاركاته السياسية الفعالة، إذ دخل جراس ميادين السياسة في بداية الستينات حيث تعرف على المستشار الألماني السابق فيللي براندت عندما كان رئيسا لبلدية برلين، وشارك بشكل فاعل بدعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي ولم يتردد يوما في إعلان تعاطفه الكامل مع الاشتراكيين الديمقراطيين، لكنه لم يكن عضوا رسميا في الحزب إلا في عامي 1982 و1983 فقط، وعرف عنه مواقفه المعارضة جدا للحرب على العراق، الأمر الذي قربه إلى المستشار جيرهارد شرودر حيث جمعت بين الاثنين صداقة قوية أشارا إليها الطرفان بفخر واعتزاز في كل مقام ومقال، وفي مقالات عدة له وجه انتقادات لاذعة للسياسة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بقضيتي العراق والحرب على الإرهاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى