المجلةبنك المعلومات

هيفوس..والجائزة الدولية للابتكار الاجتماعي

 

هيفوس..والجائزة الدولية للابتكار الاجتماعي

 

بقلم : د . مجدي سعيد

 

الابتكار – اجتماعيا كان أو تكنولوجيا – هو الدليل العملي على القدرة التي أودعها الله في بني البشر على توليد الأفكار والحلول الجديدة، والمبدعة، والخلاقة، في مواجهة المشكلات المزمنة، أو الاحتياجات غير الملباة، والابتكار هو العنوان، وهو البوابة الرئيسية للريادة، سواء ريادة الأعمال أو الريادة الاجتماعية، وإذا كانت الأولى تحظى باهتمام وإقبال كبير شرقا وغربا، كونها تفتح أبواب رزق جديدة، فإن الثانية تحظى كذلك في كثير من بلدان العالم باهتمام كبير أيضا، كونها تفتح أبوابا لحل كثير من المشكلات وتلبية عدد من الاحتياجات الأساسية. من بين أشكال الاهتمام بالابتكار والريادة الاجتماعية، تنظيم المسابقات الدولية لها، ومن هذه المسابقات، المسابقة التي تنظمها هيفوس HIVOS، والتي تنافس في نهائياتها بهولندا في الفترة من 3 إلى 5 فبراير 2015 ستة مشاريع من بلدان مختلفة.

هيفوس والابتكار الاجتماعي:

هيفوس كما تعرف نفسها، هي منظمة دولية غير حكومية تبحث عن حلول جديدة للمشكلات العالمية المستعصية تأسست في هولندا عام 1968، وتستخدم هيفوس الابتكار الاجتماعي باعتباره إطارا لسعيها الدؤوب نحو المجتمعات المفتوحة والخضراء. المجتمعات المفتوحة هي تلك التي يمكن للناس أن يعيشوا فيها بحرية وكرامة، وتشارك في البحث المستمر عن مؤسسات مناسبة لتحقيق هذه الغاية، أما المجتمعات الخضراء فنعني بها تلك المجتمعات المستدامة التي يمكن للبشر أن تزدهر حياتهم دون المساس بالكوكب، أو بحقوق الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها. ويعني الابتكار الاجتماعي لدى هيفوس الاقترابات الجديدة (منتجات، خدمات، نماذج) التي تعمل على تجاوز التحديات القائمة، الاجتماعية، والثقافية والاقتصادية والبيئية وذلك لفائدة الناس والكوكب. فهي تلبي حاجة اجتماعية، وتجهز المواطنين على التشارك مع بعضهم البعض، لسد الفجوات بين القطاعات العامة والخاصة والتنموية. كما يعني إنشاء مؤسسات وترتيبات وعلاقات وممارسات جديدة.

الفائزون في نهائيات مسابقة 2015:

تقدم للمسابقة هذا العام 400 مبادرة اجتماعية، وصل منهم إلى المنافسة النهائية ست مبادرات، فازت منها مبادرة “لنزيشنال Lensational” من هونج كونج في فئة النماذج الأولية، بينما حجبت الجائزة في فئة توسيع النطاق، لعدم وصول أي من المتنافسين إلى المستوى المناسب، وإن كان قد تم اختيار مبادرة “البستنة العضوية في أكياس Organic Sack Gardening” من بنجلاديش لدخول مسار تدريبي بدلا من الجائزة، لكونها أقرب المتنافسين في هذه الفئة.

أولاً :  لنزيشنال:

لنزيشنال : هي مؤسسة اجتماعية غير ربحية، تعتمد على فكرة بسيطة ومبتكرة ذات ثلاث مكونات: المكون الأول قائم على إعادة تدوير الكاميرات الرقمية التي يتبرع بها أصحابها من البلدان النامية لصالح المشروع، المكون الثاني تقوم فيه المؤسسة ببيع الكاميرات بأسعار رمزية للنساء الفقيرات في البلدان النامية حفاظا على كرامتهن (بدلا من منحها إياهن دون مقابل) مع تدريبهن على التصوير الفوتوغرافي، المكون الثالث تقوم فيه المؤسسة بتسويق الصور التي تقوم تلك النساء بتصويرها، وبيعها، حتى تصبح تلك الصور مصدر دخل لهؤلاء النساء، إضافة إلى كونه متنفسا لإبداعهن وتعبيرهن عن أنفسهن فنيا، وإحساسهن بقيمتهن الاجتماعية. يتيح المشروع من خلال موقعه فرصة للمتبرع المانح لكاميرته، لمتابعة ما تلتقطه به مقتنية الكاميرا الحالية من صور، ويقيم بذلك صلة بين الطرفين، ويعطي حافزا للمتبرع على مزيد من العطاء. وقد تم تجربة المشروع بشكل ناجح في كل من هونج كونج، وميانمار، وباكستان، ويستفيد منه 150 امرأة، وقد تم تقاسم نتائج هذا المشروع مع أكثر من 800 زائر لمعرض الصور الفوتوغرافية الذي أقيم في هونج كونج ولندن ونيويورك، كما حصل على دعم 2500 على مواقع التواصل الاجتماعي.

ثانيا: البستنة العضوية في أكياس:

دكا عاصمة بنجلاديش، هي واحدة من أسرع المدن نموا في العالم، يبلغ عدد سكانها حاليا 20 مليون يعيشون على مساحة 131 كم2، ولذا فإنها واحدة من أكثر المدن كثافة في العالم، وهي واحدة من أدنى عشر مدن مستوى في العالم، حيث تواجه تحديات النمو العشوائي، والفقر وانعدام الأمن الغذائي، وتدهور إدارة المخلفات الصلبة، ومن ثم التدهور البيئي.  وقد بدأ هذا المشروع المبدع في منطقة سيلهيت بشمال بنجلاديش، والذي يشجع سكان الحضر في بنجلاديش على زراعة الخضروات في أكياس، مما يوفر عددا من المزايا: إمكانية تنفيذه في أقل المساحات، وباستخدام المياه المستعملة،  بطريقة مبتكرة ورخيصة، وتسمح بالزراعة على مدار العام، حيث يمكن لثمانية إلى عشرة أكياس أن تزود الأسرة بإمدادات منتظمة من الخضروات، وتعزز هذه المبادرة التغيير الاجتماعي من خلال تحسين التغذية والأمن الغذائي في بلد محفوف بالفقر وسوء التغذية والمشاكل المتعلقة بتغير المناخ. ونتيجة للنجاح الأولي للمشروع، انتقل إلى عدد من المنازل في مدن بنجلاديش، وهو ما شجع القائمين على التجربة على وضع خطط لنشر هذه التكنولوجيا البسيطة بين المواطنين لتسخير فوائدها العديدة، حيث يستهدف المشروع جعل دكا نموذجا للمدينة الخضراء، حيث ينشء السكان هذا النوع من الحدائق في الشقق السكنية، والأحياء الفقيرة والمدارس. وإضافة إلى الفوائد الغذائية للأسر الفقيرة من هذا المشروع، فإنه سيساعدهم اقتصاديا، كما سيساعد المشروع على تعليم طلاب المدارس في الحضر على طرق الزراعة العضوية وأهمية الغذاء العضوي، كما سيزيد فهمهم عن المزارعين والزراعة بشكل عام، إضافة إلى ذلك فإنه سوف يساهم في زيادة النقاش العام حول سلامة الأغذية والتغذية الصحية.

المتنافسون الآخرون:

تضم قائمة باقي المتنافسين في نهائيات المسابقة أربعة مشاريع:

  • تطبيق التضامن المفتوح Open Solidarity App: وهو تطبيق برمجي على المحمول للإبلاغ عن التمييز والانتهاكات الخاصة بحقوق العمال بمنطقة سيكارانج الصناعية في بيكاسي بولاية جاوة الغربية في إندونيسيا.
  • أكاديمية الابتكار الاجتماعي Social Innovation Academy: وهي بيئة تعليمية تقوم على مفهوم المسئولية الحرة وتعمل على إطلاق طاقات الأفراد، لتجاوز نموذج التعليم الحالي في أوغندا، حيث تقوم المبادرة بتمكين الشباب المهمش ليصبحوا مبدعين وأصحاب مشاريع خاصة، من خلال تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشاريع ناشئة.
  • البول من أجل الثروة Urine for Wealth: ويقوم هذا المشروع بتحويل البول المتجمع في المراحيض العامة في أسواق مالاوي إلى سماد عضوي نيتروجيني سائل يعرف باسم البيونيتريت، يضاف إلى المكمورات التي يتم صنعها من باقي المخلفات العضوية للأسواق، ليصبح سمادا عضويا ديلا عن تلك الكيماوية، يعمل في المشروع أكثر من 100 امرأة، ويتم استخدام السماد الناتج في تخصيب الأرض الزراعية، أو بيعه للمزارعين، حيث أن 80% من سكان مالاوي يعيشون على الزراعة.
  • حفظ النظم الإيكولوجية لزيادة مرونة المجتمع: يهدف هذا المشروع إلى إيجاد حلول محلية للتحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه سكان مصب نهر مها أويا أحد أكبر الأنهار في سريلانكا، والذي أدت العمليات المكثفة لاستخراج الرمال منه إلى تدهور بيئة النهر في منطقة المصب.

أيا كانت المشكلات والاحتياجات فإن الحياة واستمرارها يتطلبان دائما حلولا اجتماعية مبتكرة لحلها وتلبيتها، وهو ما توفره المبادرات الأهلية التي تتميز بالإبداع، وهو أمر يتطلب دائما بيئة مشجعة عليه ومحفزة له، وهو الأمر الذي تساهم مثل تلك المسابقات في خلقه.

للمزيد من المعلومات حول هيفوس ومسابقتها السنوية طالع موقعهم:

حول مبادرة لنزيشنال طالع موقع المبادرة:

حول مبادرة البستنة العضوية في أكياس طالع تقرير هيفوس عنها:

صفحة الدكتور مجدي سعيد على الفيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى