بنك المعلوماتالمجلة

أزمة البحث العلمي في مصر والوطن العربي

د. حاتم فرج

دكتوراة في الكيمياء العضوية

واستشاري في مجال الصباغة والتجهيز

عضو نقابة المخترعين المصرية

 

إن قضية البحث العلمي في العالم العربي وأسباب أزمتها هي قضية مثارة وملحة منذ عقود.. وقد أفاض الكثيرون في أسبابها وتداعياتها، ولكن قل من تطرق إلى مواجهتها وبحث طرق علاجها..

القضية باختصار أننا وضعنا العربة أمام الحصان، أقولها بكل صراحة واستعد لاي نقاش في هذا الرأي.. فلا يوجد بحث علمي بمعناه الحقيقي في بلداننا العربية .. وسأوضح في السطور التالية الأسباب وأقترح الحلول التي أراها بصفتي باحثا في الكيمياء العضوية في الأساس ورجل صناعة في التخصص .

على سبيل المثال، فبرغم جهود العمل البحثي في مصر، إلا أنها في المجمل جهود فردية ومتفرقة وعشوائية وهي غالبا لمجرد الحصول على الدرجة العلمية، وهناك مئات الآلاف من ورقات البحث تذهب الى الأرفف، وهي عشوائية مزمنة تعاني منها كل الجامعات وكل التخصصات، فما العائد اذن؟

علينا أن نفهم أولا أن البحث العلمي التطبيقي يجب أن ينشأ من الاحتياجات الواقعية الصناعية أو تأتي لتلبية مهمة علمية محددة لجهة تريد الاستفادة من هذا التطوير.

التقدم الاقتصادي وما تلاه من تقدم بكل مناحي الحياة بدأ في أوربا بالثورة الصناعية الأولى سنة 1760 … أي أن الصناعة هي أساس التقدم البشري، ومن هنا أتى دور البحث العلمي محوريا لتطوير الصناعة.

القضية الهامة الآن هي من يمول البحث العلمي؟

نستطيع أن نعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نموذجا للتوازن بين الانفاق الحكومي والخاص على البحث العلمي.. وقد أنفقت الولايات المتحدة 456.1 مليار دولار أمريكي على البحث والتطوير (R&D) في عام 2013، وهو آخر عام توفرت فيه هذه الأرقام، وفقًا لمؤسسة العلوم الوطنية. استحوذ القطاع الخاص على 322.5 مليار دولار، أو 71 ٪، من إجمالي النفقات الوطنية، وتأتي الجامعات والكليات بأنفاق64.7  مليار دولار، أو 14 ٪، في المرتبة الثانية.(1)

 

وهذه نماذج من شركات كبرى تمول أبحاث علمية :

  • شركة مرسيدس تمول جامعة شتوتجارت
  • شركة فايزر للأدوية مولت ابحاث كثيرة وأول من توصل لمصل وياء كورونا، توصلت له وسبقت أي مركز يحوث طبي عالميا
  • تمتلك شركة Mitsubishi Electric مراكزا للبحث في اليابان وفي الخارج. (2)

من هذه الببانات نستخلص أن دور الدولة في الانفاق على البحث العلمي يحب أن لا يكون هو الأكبر مقارنة بالصناع والهيئات الخاصة ، الاهم هو وجود جهة مانحة تستفيد من البحث مباشرة .

فما المطلوب الآن للارتقاء بالبحث العلمي فعليا؟

أولا : مطلوب تشكيل قطاع تسويق بكل كلية تعرض خدماتها للهيئات الصناعية أو الإنتاجية لتضع برنامجا مشتركا بينهما تقوم الهيئة المنتجة بتمويله ومن ثم احتكار نتائجه.

ثانيا: تشجيع الكيانات الصناعية الكبرى على إشاء قطاع بحوث خاص بها.

ثالثا: التنسيق بين القرارات السياسية ومصالح المنتجين البحثية بحيث تدعم الدولة مصالح المصنعين علميا للارتقاء بمستوى المنتج المحلي.

غير ذلك فالبحث العلمي في مصر والوطن العربي سيدور في حلقة مفرغة وسيشكل اهدارا للأموال وللطاقات.

المصادر: 12

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى